العرب والسيناريوهات القادمة في أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع في أفغانستان سوف تكون تحدياً كبيراً ليس فقط للدول المجاورة للأراضي الأفغانية ومنطقة آسيا الوسطى بل ستكون تحدياً «شديد التعقيد» لبلاد ودول بعيدة عن آسيا الوسطى، وتعد المنطقة العربية من أكثر المناطق ذات الارتباط التاريخي بأفغانستان، وارتبطت الكثير من الأحداث في المنطقة العربية بما جرى بالأراضي الأفغانية، فعندما خرج الاتحاد السوفييتي من أفغانستان عام 1989 عاد ما يسمى «العرب الأفغان» الذين قاتلوا لمدة 10 سنوات هناك إلى الدول العربية، وقاموا بعمليات إرهابية شنيعة في التسعينيات من القرن الماضي، فهل الخروج الأمريكي وسيطرة حركة طالبان على الحكم ستعيد نفس السيناريو وذات المشكلة الأمنية للعالم العربي؟.

عقد لم ينته بعد

التحالف بين حركتي طالبان والقاعدة لم ينته بعد، فوفق تقديرات وزارة الدفاع الأمريكية فإن حركة طالبان وقادتها لم يعلنوا في أي يوم من الأيام انتهاء علاقاتهم مع تنظيم القاعدة، وأن الارتباط بين الحركة و«القاعدة» ما زال فعالاً وقوياً، وخير شاهد على ذلك أن «القاعدة» هنأت «طالبان» على اتفاق السلام مع الولايات المتحدة، وأصدرت بيان تضامن وتعاون ودعم في 20 مارس 2020، ولم يكتف بيان «القاعدة» برسالة التحالف التي وجهها إلى زعيم «طالبان» هبة الله أخوند زاده بل حث بيان تنظيم القاعدة في مختلف أنحاء العالم على اتخاذ حركة طالبان نموذجاً يحتذى به، بالإضافة إلى أن حالة التهليل والنشوة التي تعيشها فروع القاعدة في العالم بعد سيطرة «طالبان» على المدن الأفغانية تؤشر بوضوح إلى المساحة الكبيرة من التعاون بين حركتي طالبان والقاعدة.

سجناء غوانتانامو في تورابورا

كانت غالبية التقديرات الأمريكية حول تحول أفغانستان إلى «ملاذ آمن» للهجمات الإرهابية تقول إنها تحتاج 24 شهراً بعد الخروج الأمريكي، لكن بعد إفراج حركة طالبان عن آلاف الإرهابيين الذين كانوا في سجون الحكومة الأفغانية، ومنهم سجناء سابقون في غوانتانامو وعناصر خطيرة من تنظيم داعش، تقلصت الفترة الزمنية التي يمكن أن تقوم فيها هذه الجماعات بعمليات إرهابية، وهذا هو التحذير الذي أطلقة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي الأحد الماضي عندما أبلغ أعضاء من الحزبين في الكونغرس بأن تشكيل جماعات وتنظيمات إرهابية في أفغانستان يتسارع بشكل غير مسبوق، وأنه بهذا يعدل عنه توقعه الذي قدمه للكونغرس في مايو الماضي والذي قال إن تشكيل الجماعات الإرهابية في أفغانستان يحتاج لعامين.

كل هذه التطورات تفرض على الدول العربية ضرورة مراقبة المنافذ والمطارات للذاهبين والعائدين من مناطق قد تكون مفتوحة على أفغانستان، كما أن هذا الخطر العابر للحدود يحتاج أيضاً تعاوناً عابراً للحدود بين الدول العربية.

Email