إساءات المتطرفين للإسلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

المتطرفون والإرهابيون هم أكثر من أساؤوا للإسلام والمسلمين، ووفروا لأعداء الدين فرصاً ذهبية لتنفيذ مخططاتهم وبصورة مجانية. وبسبب هؤلاء المتطرفين فإن المسلمين العاديين خصوصاً في أوروبا والغرب هم الذين دفعوا الثمن الأكبر، وصاروا يتعرضون لقيود كثيرة، في العديد من مجالات حياتهم ومعيشتهم.

يوم الجمعة الماضي 23 يوليو، صوت البرلمان الفرنسي على قانون مثير للجدل، يتعلق باحترام مبادئ الجمهورية والمعروف إعلامياً باسم «قانون مكافحة النزعات الانفصالية»، وظل مجالاً للجدل لمدة سبعة شهور من الأخذ والرد بين القوي السياسية، خصوصاً اليسار، الذي عارضه بشدة، في حين كان لافتاً للنظر، أن اليمين المتطرف لم يشارك في هذا الجدل.

القانون، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، يضم مجموعة من التدابير حول «حيادية الخدمات العامة ومكافحة الكراهية عبر الإنترنت وحماية الموظفين الرسميين والأساتذة والإشراف على التربية الأسرية، وتعزيز الرقابة على الجمعيات، وتحسين شفافية الممارسات الدينية وتمويلها.

الذين وقفوا وراء إصدار القانون يقولون إن العمليات الإرهابية التي شهدتها فرنسا منذ عام 2015، أدت إلى مقتل حوالي 265 شخصاً. المتطرفون الذين يتاجرون بالإسلام يتهمون فرنسا وحكومتها، بأنها تستهدف الإسلام والمسلمين، لكنهم لم يسألوا أنفسهم سؤالاً بديهياً وهو: ما الذي دفع فرنسا وغيرها من البلدان، خصوصاً في الغرب، إلى إصدار مثل هذه القوانين؟!

الإجابة بسيطة وسهلة وهي أن المتطرفين وتصرفاتهم وسلوكياتهم وعملياتهم الإرهابية هي أكثر من أساء للإسلام والمسلمين.

قبل العملية الإرهابية الأضخم التي استهدفت برجي التجارة في نيويورك في 11 سبتمبر 2001، كان الإسلام ينتشر بسرعة قياسية في الغرب، هذا الغرب سمح أيضاً بتأسيس آلاف الجمعيات لتنظيمات وقوى إسلامية متنوعة. بل إن مسلمي الغرب كانوا يتجهون للاندماج بصورة واضحة في مجتمعاتهم، والمساهمة في تقدمها، مما كان يعطي صورة طيبة عن الإسلام والمسلمين، وحينما وقعت هذه العملية الإرهابية الأضخم تغيرت المعادلة بأكملها.

هذه العملية الإجرامية هي التي جعلت الولايات المتحدة والغرب يبدأ في التنبه إلى خطورة التنظيمات المتطرفة، وهذه العملية هي التي كانت سبباً في احتلال أفغانستان في 2001. كما تم استخدامها حجة لغزو الغراق في 2003.

كنا نظن أن تداعيات أحداث سبتمبر، يمكن أن تختفي أو تتراجع، حتى استيقظنا على كارثة التنظيمات المتطرفة والتي ضربت المنطقة العربية بعنف خصوصاً مع بداية عام 2011.

ظهرت داعش وأخواتها وتفرعاتها، وعاثت في الأرض فساداً، ودفع العرب الثمن الأكبر ومعهم غالبية المسلمين.

الإرهاب الداعشي ضرب في أكثر من عاصمة أوروبية خصوصاً باريس وبرلين وبروكسل ولندن.

تم طعن أوروبيين أبرياء، أو دهسهم بالسيارات أو قتلهم بتفجيرات متنوعة. أخطر تداعيات هذه العمليات أنها جعلت غالبية المواطنين الأوروبيين البسطاء يعتقدون أن هؤلاء هم المسلمون، وليس مجرد مجموعة متطرفة تتاجر بهذا الدين وجوهره السمح.

كيف يمكن تصور شعور مواطن أوروبي، وهو يرى أحد المسلمين يدهس بسيارته مواطنين عاديين أبرياء من دون أي سبب؟!

لا نناقش هنا حقيقة سياسات بعض الدول الغربية تجاه العرب والمسلمين. ولكن نركز على خطورة التشويه الذي تسبب فيه المتطرفون للإسلام والمسلمين، خصوصاً بعد عمليات وحشية أظهرت حجم كراهية هؤلاء الدواعش لكل البشر. العالم شاهد جرائم غير مسبوقة في وحشيتها كما حدث في حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، أو قتل 21 مصرياً قبطياً في ليبيا أمام الكاميرات، والحادثان وقعا في فبراير 2015. ناهيك عن فرض قوانين شديدة الرجعية على المناطق التي سيطر عليها المتطرفون في سوريا والعراق وليبيا، قبل أن يتم تحريرها لاحقاً.

هذه الممارسات والتصرفات والعمليات الإرهابية، دفعت العديد من البلدان الأوروبية إلى تشديد قوانين كثيرة، بل إن هذه العمليات كانت السبب مثلاً في إجراءات التفتيش الصارمة لركاب الطائرات منذ سنوات وحتى الآن، بعد أن فاجأ أحد الإرهابيين سلطات مطار أمريكي بوضع بودرة متفجرات في كعب حذائه!

قبل أن نلوم الأوروبيين والغربيين على التشدد في القوانين، والريبة تجاه المسلمين، علينا أن نلوم المتطرفين لأنهم من أعطوهم الفرصة.

كما أن المتطرفين والإرهابيين بكل درجاتهم، هم كنز ثمين في يد أعداء العرب والمسلمين وهم أكبر هدية تلقاها هؤلاء الأعداء منذ عقود طويلة.

Email