حتى لا تتكرر هجمات نيس

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد 5 سنوات على وقوع هجوم نيس الإرهابي في يوليو 2016 الذي سقط فيه 86 قتيلاً تتفاوت أعمارهم من عامين إلى 92 عاماً، لا تزال جراح المدينة غير مندملة في ظل عدم محاكمة الذين ساعدوا منفذ الجريمة الإرهابية قبل سبتمبر عام 2022، كما لا يزال 300 طفل في مستشفي نيس النفسي يعانون من كوابيس ما بعد الصدمة، وكلها أوضاع دفعت السلطات الفرنسية لانتهاج سياسة مختلفة تجاه التنظيمات الإرهابية، ووفق تقدير المدير العام للأمن الخارجي الفرنسي، برنارد إيمييه، والمدير العام للأمن الداخلي نيكولاس ليرنر فإن الإرهاب قتل 250 فرنسياً في الفترة من 2015 وحتى نوفمبر الماضي، وإن فرنسا تعرضت منذ عام 2013 وحتى نهاية 2020 إلى 61 عملية إرهابية أبرزها هجوم 13 نوفمبر 2015 في ملعب دو فرانس ومسرح الباتاكلان في باريس، وهي حصيلة قياسية مقارنة بأي فترة أخرى في تاريخ فرنسا فيما بعد الحرب العالمية الثانية، فما هي مظاهر التمدد الإرهابي في فرنسا؟ وكيف يمكن العمل على منع تكرار هجمات مثل نيس وباريس وغيرها؟

مقاربة جديدة

تدرك فرنسا أنها مستهدفة من التنظيمات الإرهابية لأنها تقف ضد تمدد هذه الجماعات في سوريا والعراق، وهي التي أرسلت 5100 جندي فرنسي للقضاء على التنظيمات الإرهابية في دول الساحل والصحراء، كما أن الخطاب الفرنسي المستنير يفضح الأفكار الظلامية التي تتبناها التيارات الإرهابية، لكن في الوقت ذاته تحتاج فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي إلى «مقاربة جديدة» تقوم على مزيد من التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ويزيد من ضرورة وحتمية التعاون الفرنسي مع الدول الأخرى عدم وجود «يقين» حول الفترة الزمنية التي سينتهي فيها فيروس كورونا، خصوصاً في ظل تلك التقارير التي تقول إن الجماعات الإرهابية تستغل انشغال الدول بهذه الجائحة للحصول على مزيد من الموارد وحشد الكثير من الأتباع، كما تحتاج فرنسا لمواصلة سياسة تفكيك الجمعيات التي تجند الإرهابيين للقيام بالعمليات الإرهابية، سواء على الأراضي الفرنسية أم خارجها، فكل التقارير الدولية تقول إن فرنسا هي أكثر دول الاتحاد الأوروبي التي قدمت إرهابيين لداعش منذ 2014 وحتى 2019.

خطوات شجاعة

من الخطوات الشجاعة التي تعمل عليها باريس هي إعادة العناصر المتطرفة إلى دولهم، وهي عناصر لم تحصل على الجنسية الفرنسية، ويعيش في فرنسا أكثر من 231 متطرفاً يقيمون بشكل غير شرعي، كما زادت فرنسا من عدد جنودها على الحدود مع جيرانها الأوروبيين من 2400 إلى 4800 جندي، وتحتاج فرنسا لتشديد الرقابة على التحويلات المالية من الخارج إلى التنظيمات الإرهابية على أراضيها، فقد كشف الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته لمدينة تولوز في مارس 2019 عن دعم يزيد على 35 مليون يورو لمركز «ثقافي» واحد يتبع إحدى الدول من خارج الاتحاد الأوروبي، ويتزامن كل ذلك مع القرار الاستراتيجي بعدم استقبال فرنسا أئمة من الخارج، وتدريب وتأهيل الأئمة الفرنسيين من أجل محاصرة التطرف والمتطرفين.

Email