العراق ومنطق الدولة والسيادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن الهجمات التي تشنها الميليشيات المدعومة من الخارج، على الأهداف الأمريكية والرد عليها حوّل العراق إلى ساحة معركة للدول الأخرى، حيث دخلت مرحلة جديدة من التصعيد العسكري والسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الميليشيات قبل 3 أشهر عن الانتخابات التشريعية.

 لا يمكن لواشنطن أن تتجاهل حملة استهداف مصالحها في العراق، ولا يمكن أن يكون رد فعلها أحادياً دون استشارة العراق، فهذا يمس بسيادة البلاد، صحيح أن الميليشيات فقدت صوابها، غير أن هناك وسائل مناسبة لمواجهة ميليشيات إيران في العراق، يجب على الإدارة الأمريكية أن تعمل على توجيه جهودها لبناء شراكات استراتيجية محلية داخل العراق لمواجهة النفوذ الإيراني هناك، وتنسيق المواقف مع العراق لتفكيك الميليشيات وحصر السلاح المنفلت بيد الدولة. حيث إن النتائج الإيجابية لا يمكن أن تعطيها الولايات المتحدة للعراق جاهزة، لكن يمكن تحقيق تنسيق من أجل أهداف واضحة ومتماسكة.

المطلوب أن يبقى العراق مستقلاً في سياسته، مع احتفاظه بأهمية علاقاته الاستراتيجية مع الدول الأخرى، وأن يلعب دوراً معتدلاً بالنسبة لما يجري في المنطقة يتمثل في ترطيب الأجواء السياسية، وإسهامه في تحقيق التوازن الدولي بين القوى المتصارعة.

 أوضاع العراق لن تستقيم من دون أن تكون البلاد سيدة نفسها وبعيدة عن أي تدخل خارجي، عليها أن تكون فاعلة في الأحداث وليست مستجيبة، بمعالجة الأخطاء المتراكمة التي أدت إلى انتهاك السيادة فوجود الميليشيات الخارجة عن القانون أكبر معضلة في العراق، فإذا ما تم تفكيكها فإن البلاد حققت أول انتصار للإرادة الوطنية، فالمجاميع المسلحة ساهمت في اتساع رقعة النزاع الخارجي فوق أرض العراق.

 وغني عن القول أن الميليشيات خطر كبير على مستقبل البلاد داخلياً وخارجياً، حيث تشكل بتواجدها حواضن رسمية للإرهاب، ودفعاً جديداً للتدخلات الخارجية، وعلى العراق أن يسد هذه الأبواب نهائياً لدرء الأخطار المحيطة به والمهددة لاستقراره وتواجده الدولي.

Email