«كورونا» وأوجه التقصير

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأكيد منظمة الصحة العالمية من أن وباء «كورونا» لن ينتهي قبل تطعيم 70 % من سكان العالم على الأقل، جاء ليؤكد أنه لن يكون كل واحد منا بأمان إلا إذا كنّا جميعاً على مستوى العالم بمأمن من هذا الفيروس، وأن المعاناة البشرية يمكن لها أن تجمع بين الشعوب أكثر مما تفعله لغة المصالح والمكاسب.

الأرقام ستتصاعد، وأعداد المتوفين في الدول الفقيرة سترتفع، والفيروس سيواصل شراسته إذا ما ظلَّت وتيرة التصنيع والتوريد للقاحات بهذه الصورة البطيئة، مع احتكار الدول الغنية المنتجة للقاح الحصة الأكبر وعدم اكتراثها بالباقي وغياب كلي لعدالة التوزيع مع تعاطي قادة العالم مع الأزمة الناجمة عن الوباء على أساس وطني بحت، لذلك من الضروري التعّرف إلى أسباب عدم التحكم في الوباء عالمياً ومحاولة كشف أوجه التقصير بمعالجة أنفسنا وتفكيرنا والعودة إلى القيم الإنسانية في التعامل مع الجائحة، فالعالم بحاجة إلى صحوة ضمير وتغيُّر في المفاهيم بأن تتعامل الدول المنتجة للقاحات بمسؤولية وإنسانية على اعتبار أن حملة التطعيم العالمية تمثِّل أعظم اختبار أخلاقي في عصرنا، حيث إنَّ التعاون والتضامن يكفلان إخراج العالم من كبوته، ومن الضروري العمل معاً كي تعم الصحة والإنصاف وننتصر لصالح الإنسانية والاستقرار والتنمية.

ولا شك أن الجائحة أفرزت واقعاً جديداً على البشرية عليها أن تتعاطى معه بوعي وتضافر للجهود، وتعاوناً مكثفاً في مواجهة جائحة غير معلومة نهايتها، فلا يُمكن للمجتمع الدولي أن يتغلَّب على الوباء ويحمِي الموطن المشترك للبشرية إلا بالتضامن، فالضرر سيصل إلى الجميع ما لم تدعم الدول المنتجة للقاح الشعوب الفقيرة وبلوغ حالة الانتصار بتحصين شعوب العالم من الفيروس واكتساب المناعة، ولكن إذا واصلت سياسة التهميش، فإن الوباء سيتمدد وقد يستغرق وقتاً طويلاً حتى تتمكن دول العالم من مواجهته.

 

Email