«السلمية».. نهج ثابت

ت + ت - الحجم الطبيعي

فرض الحراك الشعبي في الجزائر عبر عشرات الأسابيع من التظاهر الحضاري السلمي رسالة سلام وحمى البلاد من الانهيار الكلي، وأعاد البلاد إلى سكتها الصحيحة، فيما بعثت السلطات برسالة واضحة مفادها أنها لا تبحث عن التصعيد وتسعى لتسويق جديتها في تطبيق الإصلاحات الموعودة وقد قطعت أشواطاً في مسار الإصلاحات السياسية من خلال دستور جديد والدعوة الى انتخابات تشريعية مسبقة تنهي حكم المال الفاسد، ولكن ما جرى في مسيرة الجمعة من انزلاقات مابين المتظاهرين وعناصر الامن يجعلنا ندق ناقوس الخطر من محاولات إجهاض الإنجازات المحققة بالدعوة إلى الدخول في حوار حقيقي من خلال الاستجابة لمطالب الشارع الاقتصادية والاجتماعية المشروعة تفادياً للانزلاق في مستنقع العنف، فالسلمية نهج جزائري ثابت فقد جاءت لتبني لا لتهدم، والسلمية حماية للجزائر.

منذ بداية الحراك تكرر شعار «سلمية» مبدأً أساسياً، ملتزماً سلوكاً حضارياً قل نظيره، لم يكسر فيه زجاجة واحدة ولا أحرق عجلة، ليتحول بعد ذلك إلى نهج عملياتي يتجلى عبر النداءات المتكررة إلى عدم الدخول في مواجهات، وقد أبهر العالم بسلميته التي حيّرت كل المتتبعين في تنظيمه ونوعية مطالبه، إذ شعر المواطن الجزائري بأنه شريك في صنع القرار السياسي، ومعنيّ بمصير بلاده.

هناك من يرى أن هناك فرصة للتغييرعن طريق الانتخابات التشريعية المسبقة من خلال منح فرصة للشباب، وتوفير فرص متكافئة للجميع في الترشّح، وإنهاء سيطرة أحزاب السلطة، ولكن الواقع أن استمرار الحراك يعني أن مشكلة البلاد ليست متعلقة بالبرلمان وأن هناك ملفات أخرى لا تقل أهمية لم تجد آذاناً صاغية من السلطة وعليها التجاوب معها إيجاباً بجدية، وبالأفعال وليس بالأقوال، لا سيما المتعلقة بالجانب الاجتماعي ومواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي رافقت جائحة كوفيد - 19، والأكيد أن السلطة لا تملك عصاً سحريةً لتحقيق تغيير كلي ولكنها تملك شعباً واعياً وصبوراً، شعباً يريد الارتقاء بأداء مختلف القطاعات، فمن الضروري مصارحة الجزائريين بحقيقة الوضع، وصوغ حلول حقيقية وليست مرحلية لأزمة البلاد.

Email