يوم زايد للعمل الإنساني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصادف يوم التاسع عشر من رمضان، ذكرى وفاة الأب المؤسس لدولة الإمارات وباني نهضتها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد ارتأت الدولة أن تحول هذه المناسبة إلى ذكرى لتخليد مآثر زايد وحبه لعمل الخير، فأصبح يوم وفاة زايد مناسبة للاحتفاء بإرثه في العطاء للإنسانية جمعاء.

سبعة عشر عاماً مرّت على رحيل زايد ولكن حبه لعمل الخير ووفاءه للإنسانية لم يرحل. فقد حافظ الأبناء البارون على هذا الإرث الإنساني الخالد وبقيت دولة الإمارات منارة لعمل الخير ومد يد العطاء للعالم.

فاليوم تعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول المانحة على صعيد العمل الإنساني والخيري من خلال المؤسسات الخيرية والإنسانية المنتشرة في جميع أنحاء الإمارات وعبر فروعها في العالم. فالغرس الذي غرسه زايد في تربة الإمارات، وحرص عليه طوال حياته، ظل حياً يانعاً يثمر ثماراً طيبة حتى اليوم. 

خلال السنوات الماضية، حرصت الإمارات على إحياء ذكرى زايد بمآثر خيرية توزعت على العالم. فتجد يد الإمارات الخيرة تمتد إلى كل محروم وملهوف في كل قارات العالم. فقد ارتبطت ذكرى زايد بزرع البسمة على وجه كل محروم وضعيف، كما أنها تجسيد للقيم النبيلة التي قام عليها اتحاد الإمارات.

ويأتي يوم زايد للعمل الإنساني هذا العام، وللعام الثاني على التوالي، في ظل ظروف استثنائية صعبة يمر بها العالم.

فجائحة «كورونا» قد خلقت أوضاعاً معيشية صعبة في كافة أنحاء العالم، فما بالك بالدول التي كانت تعاني أصلاً من الفقر والعوز والحاجة.

فقد خلفت الجائحة ملايين من الفقراء والجوعى والمرضى في كافة دول العالم، وخاصة في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط والتي لا تبعد عنا إلا مسافة زمنية بسيطة.

والتزاماً من دولة الإمارات بواجبها الإنساني تجاه غيرها من الشعوب المحتاجة، فقد قدمت الدولة العديد من المبادرات الخيرية والمساعدات الإنسانية التي وصلت للقارات الخمس، حتى أصبحت مساعدات الإنسانية للدولة علامة فارقة في تاريخ المساعدات الخيرية العالمية.

وتأتي مبادرة «100 مليون وجبة» في هذا العام لإغاثة أكثر من 52 مليون جائع في أكثر من 30 دولة حول العالم، لتجسد ليس فقط إرث زايد الخيري، ولكن إرث أهل الإمارات الإنساني والذي توارثوه أباً عن جد.

لقد صنعت الإمارات الفرق في حياة الشعوب المحتاجة، وبالتالي وضعت بصمتها على تاريخ البشرية جمعاء. وستبقى دولتنا سباقة في فعل الخير وإرساء قيم الأخوة الإنسانية التي تؤمن بها وتطبقها على أرض الواقع. فالجهود التي تبذلها الدولة في مجال تقديم المواد الطبية والإغاثية شملت معظم دول العالم دون أي تمييز في عرق أو لون أو ديانة أو اثنية.

فالجميع سواسية تجمعهم أواصر الأخوة الإنسانية ولا يفصلنا عنهم سوى المسافة الزمنية. إنها سياسة الإمارات في الداخل والخارج، وأسلوب الحياة الذي اختطته لنفسها والتي تسير فيه على نهج زايد والآباء المؤسسين. وقد شجعت سياسة الإمارات في العمل الخيري، مؤسسات الدولة كافة، والقطاع الخاص، والأفراد، على التعاون ومد يد العون لرفد نهج الدولة الخيري.

فنجد أن العديد من المؤسسات العامة والخاصة تتجاوب بشكل مثير للإعجاب مع مبادرات الدولة الخيرية والإنسانية، وتساهم في الجهود الإغاثية للدولة. كما يساهم الأفراد في التطوع لمساعدة جهود الدولة في داخل الدولة وخارجها.

فالتطوع في توزيع الوجبات الغدائية في داخل الدولة، على العمال والأسر المتعففة، يدل على الوعي الكبير لدى شرائح المجتمع كافة. كما أن التطوع من خلال مؤسسات الدولة الخيرية لتوزيع الطرود الغذائية في خارج الدولة، يعطي أنموذجاً مشرفاً عن الإمارات وشعبها الطيب، فالخدمات التطوعية تلعب دوراً مهماً في التعريف بجوانب الثقافة الوطنية للدولة، ومستوى الوعي المجتمعي فيها. 

إن الإمارات وهي تحتفي بـ«يوم زايد للعمل الإنساني» إنما تحتفي بإرث إنساني متأصل في هذه المنطقة، ونابع من القيم الاجتماعية والأخوة الإنسانية التي تربط دولة الإمارات مع محيطها الإقليمي والعالمي. فالإمارات مدركة بأن الجهود الإنسانية وفعل الخير عمل لا يتجزأ، وهو ليس مرتبط بفرد، ولكن بسياسة اختطتها الدولة لنفسها وسارت عليها منذ النشأة الأولى على يد زايد، فعمل الخير يبقى وهو الذي يترك الأثر الطيّب بعد رحيل صاحبه. 

* جامعة الإمارات

 
Email