رأس الوطن العالي تحيّة لشباب الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

بروحٍ ممتلئةٍ بالحمدِ لله والثناءِ على جزيلِ عطائه، كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، تدوينة مُشْرقة الحروف نابضةً بالحياة والمجد حين أعلن عن انضمام اثنين من أبناء هذا الوطن الغالي «الإمارات» إلى الفريق العامل في بحوث الفضاء الذي كانت الإمارات أول دولة عربية تُسهم فيه من خلال رائد فضائها الشجاع هزّاع المنصوري، ولقد سبق لصاحب السموّ تقديم أرقى أشكال الدعم لذلك الرائد الذي نفتخر به، وها هو يكتب اليوم على حسابه تدوينة تزفّ لأبناء الوطن هذه البُشرى التي ترفع الروح المعنوية وترفع الرأس عالياً في سماء المجد يقول فيها: «نعلن بحمد الله اليوم عن اثنين من روّاد الفضاء الإماراتيين الجُدُد، بينهم أول رائدة فضاء عربية نورا المطروشي ومحمد المُلّا، تمّ اختيارهما من بين أكثر من 4000 متقدم، وسيبدأ تدريبهما قريباً ضمن برنامج ناسا لروّاد الفضاء.

نُبارك للوطن بهما، ونُعوّل عليهما لرفع اسم الإمارات في السماء»، ليتمّ بهذه الكلمة المجيدة فتح صفحة جديدة في دفتر إنجازات الوطن الكبرى، فقبل عامين كان هزاع المنصوري هو الرائد الأول، وحين وصل إلى الفضاء خاطبه صاحب السمو مؤكداً له استمرار الدعم لكل الطاقات الراغبة في الانخراط في علوم الفضاء، وكان مما قاله في تلك المكالمة ممّا يتصل بهذا الحدث الكبير الذي تشرفت به الإمارات هذا اليوم:

«أنا أوْعِدْكْ بشيء، أن طوابير من الأخوات والإخوة يتبعون أثرك، ويجرون التجارب والامتحانات التي أنت مرّيت بها، ويتابعون مسيرتك».

اليومَ وبانضمام رائدة الفضاء العربية الأولى نورا المطروشي، والرائد محمد الملّا إلى روّاد الفضاء يكون صاحب السموّ قد وفّى بالوعد، وهو القائد الذي لا نعرف عنه إلا الجمع بين القول والفعل، بل إن أفعاله دائماً تسبق أقواله، ولكنّ المحطة الأبرز في حدث اليوم هي فوز رائدة فضاء عربية بهذا السبق لتسجل الإمارات المركز الأول في هذا المجال على المعهود من مسيرتها التقدمية في صناعة الحياة، وفي هذا تكريم لجميع بنات الإمارات الفاضلات المثابرات اللواتي يجمعن بين العلم والعمل والفضيلة ورفع سمعة الوطن في السماء العالية، وبذلك تتحقق فينا وصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، باني هذا الوطن ومشيّد أركان عزّه ومجده، فقد كان ومنذ نشأة الدولة عظيم الاعتزاز بالدور المنتظر للمرأة الإماراتية، وها هي وعلى أيدي الرجال الذين حملوا لواء الوطن تتحقق جميع الآمال التي كانت تُراود بُناة الوطن الأوائل من الآباء المؤسسين رحمهم الله.

وتعبيراً عن الحفاوة الصادقة بهذا الحدث الكبير في مسيرة الوطن، جاء صوت صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان، وليّ عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، ليبارك لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد هذا الإنجاز، وليشدّ على عضده في هذا الاتجاه، ملخّصاً موقفه النبيل الكريم بهذه العبارة الجميلة حيث يقول: «هذه إحدى محطات قصة نجاح دولة الإمارات، ولم تكن لتتحقق لولا فضل الله ثم بركات رؤيتك يا بو راشد وشغفك الدايم بالريادة»، ولم ينسَ صاحب السموّ بو خالد أن يتوجّه أيضًا بالحديث إلى الروّاد الجُدد وتقوية عزائمهم والإشادة بإنجازهم حين خاطبهم قائلاً: «اليوم يا ولديّ أنتم تمثلون كل إماراتي وإماراتية، أنتم اليوم بالمختصر تمثلون شعب الإمارات كله»، لتظل قصة هذا الوطن بجميع أطيافه ومنجزاته مرعيّة بعين هذين المُحمّدين اللذَيْن نذرا نفسيهما لخدمة هذا الوطن والسهر على راحة أبنائه، والسعي به نحو مكانه اللائق به بين الأمم.

قبل خمسين عاماً كانت بلادنا مجموعة متفرقة من الإمارات المنسية على هامش الصحراء، لكنّ بلادنا اليوم عميقة الحضور على خريطة العالم وبإنجازات تستحق التقدير وفي جميع مسارات الحياة، وحين نتذكر تلك الأيام الخوالي ونقارن بينها وبين ما وصلت إليه بلادنا من مظاهر التقدم نشعر بالامتنان والشكر لله تعالى على ما أولانا وأسبغ علينا من جزيل نعمه، ونترحم على تلك القامات العالية التي وحّدت القلوب قبل توحيد البلاد، وغرست كل هذه الأشجار العالية الوارفة التي نستظلّ بظلها بأمان واطمئنان، ونزداد ثقة بقيادتنا الرشيدة التي واصلت طريق الآباء الشجعان، وأضافت إنجازاً عظيماً إلى إنجازاتهم، وها هي أرواحهم ترقبنا من بعيد وترى عهدهم مصوناً، وجهودهم متواصلة، ليظل الوطن وأبناء الوطن في سفينة التقدم وهي تُبحر في بحر التلاحم الوطني، والتماسك الاجتماعي، متكاتفة الأيدي، ملتفّة السواعد حول لواء الوطن الذي يستحق أن يظلّ خفّاقاً في الأعالي، والسلام على وجهك الجميل يا أجمل الأوطان.

 

Email