العقل الأنثوي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول كاتبة شهيرة عن دماغ المرأة: إنه «مفطور على مراقبة الناس، وفهم تصرفاتهم، والتأكد من أنهم بحالة جيدة !» وإنها «تعيش حياتها وحياة غيرها»، بحسب الكاتبة الفرنسية «آلين ويلر» في كتابها الجميل «المرأة والرجل.. أسرار لم تنشر بعد»، أي أنه فضلاً عن انشغالها في واجباتها الوظيفية والأسرية، فإنها تعيش هموم أبنائها، وتدرسهم وتؤازرهم، وكأنها هي التي ستقدم الاختبارات! وكشف لنا العلماء أيضاً أن «الكهرباء» في دماغ المرأة في لحظات سكوتها تتحرك بنسبة 90 في المئة مقارنة بالرجل، الذي لا يتحرك سوى 10 في المئة منها، فهي بالرغم من لحظات سكوتها إلا دماغها يبقى نشطاً بصورة كبيرة.

أستاذ علم النفس العلاجي clinical دانيال فريمن من جامعة أكسفورد يخبرنا أن «النساء أكثر عرضة من الرجال للقلق والكآبة والحزن»، إذاً المسألة ليست تجنياً أو شخصنة، إذ يسند ذلك أبحاث عدة تؤكد أن الأنثى، التي نحاورها يحدث في دماغها وجسدها أنشطة تؤثر على سلوكها، الأمر الذي لا يستقيم معه المبالغة في نقدها، ومقارنتها بِالذكور.

ليس هذا فحسب، بل إن معاشر النساء «يتعرضن إلى مشكلات صحية ذهنية أكثر من الرجال، وذلك بنحو 20 إلى 40 في المئة» بحسب ما ذكره د. فريمن في تقرير لصحيفة «التايمز» اللندنية، وهو ما كشف لنا استطلاعاً للرأي، أجرته جمعية علم النفس الأمريكية APA عن الضغوطات في أمريكا عام 2012، تبين فيه أن «النساء ما زلن يشعرن بمعدل ضغوطات أعلى من الرجال»، ففي مقياس من عشر نقاط، تبين أن نحو «ربع النساء (23 %) يشعرن بضغوطات، تصل لنحو 8 إلى 10 نقاط»! وهي أعلى مستويات الضغوطات.

والعقل الأنثوي يعترضه ما يعترض سائر البشر من تغيرات بيولوجية، منها تعدد ما يؤثر على المزاج من تغيّرات، تجعل مزاجها مضطرباً، بحسب الخبراء، الأمر الذي ينعكس على مزاجها، ويزيد الطين بلة لا سيما عندما تثقل كاهلها الضغوطات الحياتية المستمرة.

وربما يبدو للناظر أن الأنثى مفطورة على الاهتمام بنفسها، غير أن حقيقة الأمر أن دماغها جُبِلَ على حمل همها وهم غيرها، كأبنائها وزوجها، وسائر ما يثير اهتمامها. وهي كما يصفها أستاذ علم النفس د. جون غراي «تهتم كثيراً بمشاكلها ومشاكل غيرها»، وذلك في كتابه الرائع «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة»، وهو الذي قال إن اهتمامها مُنصب على التأكد من أنها تلقى العناية اللازمة caring من الشخص الذي تحبه، حيث إن اعتناء الناس بها يأتي في رأس قائمة اهتماماتها أو أولوياتها، في حين ذكر أن الرجل يتربع على رأس قائمة اهتماماته «تقدير» شريكته حياته له appreciation، فهو يحب التقدير، ويؤثر فيه.

وعندما نتأمل ما سبق، ندرك أن عقل المرأة بالفعل يتعرض لمتغيرات عديدة، منها بيولوجية تشكل عقلها أو طريقة نظرتها للأمور، كما أن العاطفة الجياشة وجدت نشطة بوضوح في أماكن تفوق الرجل بمراحل، وهذا كله يجعلنا نكن لعقلها الاحترام والتقدير، لأن هذا الاختلاف يكمل الرجل. وعندما أُجريت أبحاث على الدماغ العجيب للمرأة، الذي يصغر عن حجم دماغ الرجل بمعدل ثمانية في المئة، تبين أنه إن لم يكن يجاريه، فإنه يتفوق عليه أحياناً، ‏وهذا ما أدركته الكثير من البلدان، عندما بدأت تفتح الأبواب على مصراعيها للمرأة في شتى الميادين لتقدم مساهمتها المجتمعية. والعجيب ليس اختلافاتها، بل العجيب أنها رغم مشاغلها الحياتية والاجتماعية وضغوطاتها وتعلقها بتفاصيل حياة أبنائها، إلا أنها تستطيع أن تؤدي أعمالها الوظيفية على أكمل وجه.

* كاتب كويتي

Email