ليبيا.. صفحة جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسير ليبيا تدريجياً نحو فتح صفحة جديدة وطي صفحات الماضي المؤلمة، والانطلاق في مسيرة السلام لاستكمال بناء الدولة الديمقراطية، دولة يسمو فيها القانون عما سواه، وإحداث القطيعة مع الممارسات السابقة. لقد أثبت الليبيون أنهم أصحاب الكلمة العليا في قيادة ليبيا بعد أن تحرروا من الخوف ومن المجهول ومن عقدة الكراهية ومن انعدام روح المسؤولية، وأن التوافق على صيغ مشتركة، وتسوية الخلافات، يمكن أن ينتج عنه تنمية كبرى وحياة أفضل.

الصدامات والخلافات والانقسامات أنتجت كوارث سياسية وعسكرية واقتصادية، لم تسلم أي منطقة من ليبيا من تداعياتها، ولا فئة من فئات الشعب، لذلك فالفرحة الحقيقية ستكون عندما تواجه حكومة الوحدة الوطنية، التحديات المستقبلية، وتنتصر عليها ببناء دولة المؤسسات، التي تقوم على العدل والحرية وحقوق الإنسان. وغني عن القول إن الحكومة ستواجه بعض التعثّر بين الحين والآخر، وهو أمر عادي، ودرس تستفيد منه لتحقيق تطلّعات شعبها في استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها لدورها في خدمة الشعب الليبي، بعيداً عن أية تدخلات خارجية، حيث إنها بالفعل قطعت أشواطاً مهمّة في مسارها الديمقراطي المنشود.

يستحق هذا الوطن الكبير الالتحاق بمركب التنمية بعد أن تخلف عنه نتيجة الصراعات، وأن يكون لليبيا مشروع بناء حقيقي، وفي مقدمته دعم المؤسسة العسكرية الموحدة، ودعم المصالحة الوطنية، وعودة النازحين والمهجرين، حيث إن الكل أدركوا أن المعارك والقتل والتدمير لم تجدِ نفعاً، وأن تقديم التنازلات وترسيخ الروح الوطنية، هو طوق للعملية السياسية وللنهوض بالبلاد.

من الإنصاف أن نضع الوقائع في الزاوية المضيئة، حيث إن هناك إرادة قوية لتخطي جسور الجهويات والأيديولوجيات السياسية، وخلق هوية موحِّدة لليبيين، والتأكيد على القواسم المشتركة بينهم لبناء دولتهم على أساس متين، وضم المكونات الليبية في عقد، لا انفراط بعده.

Email