القانون للجميع

تفسير العقود 3 من 3

ت + ت - الحجم الطبيعي

نختتم اليوم سلسلة المقالات التي بدأناها في الأسبوعين الماضيين، والتي خصصناها لشرح طرق تفسير العقود، وقد بيّنا فيها بعض القواعد القانونية الهادية والمرشدة والمعينة للمحكمة للوصول إلى المقصد الحقيقي للمتعاقدين.

لقد أورد قانون المعاملات المدنية قاعدة مفادها أن المطلق يجري على إطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة، ومثال للتقييد بالنص اتفاق شخص مع حائك لحياكة ثوب دون أن يشترط عليه أن يحيكه بنفسه، فيحق عندئذٍ للحائك أن يستعين بأجير لحياكته، وذلك بخلاف اشتراط صاحب الثوب على الحائك أن يتولى الأخير حياكته بنفسه، أما التقييد بالدلالة، فمثاله الوكالة المطلقة لشراء شيء ما، فالدلالة توجب على الوكيل الشراء بقيمة المثل أو مع غبن يسير.

بقي أن نبين وجود قاعدتين مهمتين يرجع إليهما عند تفسير العقد، القاعدة الأولى أن العبرة في تفسير العقود حسب الفقه الإسلامي بالإرادة الظاهرة وليست المستترة، فنية المتعاقدين تستخلص مما تدل عليه الألفاظ الواردة في العقد وإن كان المعنى غير واضح يجب تبين نية المتعاقدين، ولا شك أن في ذلك استقراراً للتعامل وتحقيقاً للثقة بين المتعاقدين، أما القاعدة الثانية فهي أن الشك يفسر لمصلحة المدين وهي قاعدة متفق عليها بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي، وهناك ثلاثة مبادئ كلية أوردها فقهاء المسلمين؛ أولها أن اليقين لا يزول بالشك، فإن كان هنالك شك في مديونية المدين، فاليقين أنه بريء الذمة ولا يزال هذا اليقين بالشك، والمبدأ الثاني أن الأصل بقاء ما كان على ما كان وبراءة الذمة تسبق المديونية، ولا تزول تلك البراءة إلا بمديونية متيقن منها، والمبدأ الثالث أن الأصل براءة الذمة، فعبء إثبات انشغال ذمة المدين بمديونية يقع على عاتق الدائن فإن وجد شك في المديونية يتم استصحاب الأصل وهو براءة الذمة، ويفسر الشك لمصلحة المدين.

 

Email