الرهان السوداني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن حكومة السودان الجديدة تشكل أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان بعد الانتقال من مرحلة حكومة تكنوقراط، إلى حكومة حزبية أوسع بمراعاة كل الأطراف السياسية.

والرهان عليها كبير لمواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، لكن عليها الاستفادة من الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة السابقة، وهو بلا شك تقاطع وتناقض الرؤى والأهداف بين قوى الائتلاف. لذلك فعلى الشعب أيضاً الالتفاف حولها وجعلها تلتف حول أولوياتها لإخراج البلاد إلى بر الأمان.

الأولوية هي علاج المشاكل الملحّة، التي تتمثل في تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة، التي دفعت العديد من السودانيين إلى الخروج في احتجاجات على مدى الأسابيع الأخيرة في عدة مناطق، أكيد أن الخراب الذي طال المشاريع الإنتاجية والفساد الذي ينهش جسد المؤسسات الاقتصادية والمنهج الطفيلي الريعي الذي نهب ثروات البلاد لصالح فئة محددة لا يمكن حله بين ليلة وضحاها بل يحتاج سنوات عدة، وصحيح أن الحكومة استلمت تركة مثقلة من سوء الإدارة، لكن بمقدورها الارتقاء نحو سقف التوقعات، وتعيد لمؤسسات الدولة الهيبة وتبسط العدالة وسيادة حكم القانون وتهيئة المناخ للانتقال السلمي للحكم المدني الديمقراطي.

إن تركة الفساد من النظام السابق تتطلب جهداً استثنائياً لإزالة تشوّهاتها، والتجارب أثبتت أن التشاور والشفافية يعتبران من أهم أركان حُسن إدارة الدولة، بضمان إشراك المواطنين في مرحلة مبكرة في وضع أي استراتيجيات للتنمية. ولا مجال إذن غير اتباع أسلوب الحوار بهدف تطوير الآليات الحكومية لتحقيق نتائج إيجابية، لاسيما أن هناك بواعث أمل، منها شطب اسم السودان رسمياً من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب واحتمال تحسّن أداء الاقتصاد السوداني مع إنهاء العقوبات على الخرطوم واسترداد عدد من الأسهم والأراضي لمجموعة من الشركات والجهات لصالح الحكومة.

Email