الإمارات.. النموذج الوحدوي الناجح والمتطوّر

ت + ت - الحجم الطبيعي

خمسون عاماً تمر هذه السنة على تأسيس دولة الإمارات، التي كان إعلان اتحادها في 2 ديسمبر 1971.

في 18 يوليو 1971 اجتمع حكام الإمارات في ذلك الوقت، وقرروا الاتحاد فيما بينهم، حيث أقروا دستوراً ينظم الدولة ويحدّد أهدافها.

وفي 2 ديسمبر 1971 تم الإعلان رسمياً عن تأسيس دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة، وفي العاشر من فبراير 1972، أعلنت إمارة رأس الخيمة انضمامها رسمياً للاتحاد، ليكتمل عقد الإمارات السبع في إطار اتحادي واحد.

هذا الاتحاد هو أفضل تجربة وحدوية عربية في العصر الحديث. يكفي أنها صمدت أمام كل التحديات، بل وقدمت نموذجاً وحدوياً ناجحاً في ظل تجارب فاشلة من المحيط إلى الخليج، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، حتى هذه اللحظة.

هو نموذج ناجح لأن المنطقة العربية، حفلت بتجارب لم تكتمل للأسف الشديد.

نتذكر أنه كانت هناك تجربة مهمة في الوحدة العربية بين مصر وسوريا في عام 1958، تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، لكنها لم تصمد أكثر من ثلاث سنوات، وانتهت بتجربة الانفصال المريرة عام 1961.

هناك أيضاً تجربة مجلس التعاون العربي حيث تم تأسيسه في عام 1989 بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، وضم كلاً من مصر والعراق والأردن و(اليمن الشمالي)، لكنه انهار بعد قيام صدام حسين بغزو الكويت في 2 أغسطس 1990.

كانت هناك أيضاً الوحدة اليمنية التي تم إعلانها في 22 مايو 1990 بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، لكنها تعرضت لضربة قاصمة بالحرب الأهلية بين الشطرين في شهر مايو 1994، ثم تعرض اليمن نفسه لأزمات عديدة. خصوصاً بعد انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في سبتمبر 2015.

كانت هناك أيضاً تجربة الاتحاد المغاربي الذي تم إعلانه عام 1989، في مراكش، وضم كلاً من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا، لكن للأسف لم يتحقق هذا الاتحاد، لأنه لم يقضِ على التناقضات الرئيسية بين بلدانه، وبالأخص الخلاف الجزائري المغربي ومغامرات العقيد الليبي معمر القذافي.

ربما التجربة الوحيدة الناجحة نسبياً بجانب اتحاد الإمارات، كان مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في 25 مايو 1981 في أبوظبي بين بلدان الخليج الست وهي: الإمارات والسعودية والبحرين والكويت وعُمان وقطر، ورغم كل الصعاب والتحديات، فقد ظل هذا الاتحاد متماسكاً، واستعاد عافيته بالقمة التي عقدت في مدينة العلا السعودية، في أوائل يناير الجاري.

وبسبب هذا الإخفاق المتوالي عربياً، تكتسب تجربة اتحاد الإمارات أهمية قصوى باعتبارها التجربة الناجحة والملهمة عربياً.

النجاح لم يكن قاصراً فقط على إعلان الاتحاد عام 1971، بل إن ما حققته دولة الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية، هو أيضاً نموذج يستحقّ التأمّل.

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مؤسس الاتحاد ورئيسه من عام 1971، وحتى رحيله في 2 نوفمبر عام 2004، له مكانة متميزة في قلب كل عربي من المحيط إلى الخليج؛ نظراً لدوره العروبي المتميّز، ويكاد لا يخلو بلد عربي من أثر يدلّ على أياديه البيضاء وإسهاماته التنموية المختلفة.

بعد رحيل زايد تواصلت المسيرة، وصارت الإمارات نموذجاً ملهماً للحداثة والتطور المتسارع. صارت رمزاً للعولمة والاحتكاك بالعالم المتقدم ورمزاً للابتكار والذكاء الاصطناعي، سيما بعد إطلاق «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ، والمنتظر وصوله فبراير المقبل.

على أرضها شهدنا قبل عامين توقيع وثيقة الإخوة الإنسانية، وهي رسالة تسامح عالمية للرد على المتطرفين الذين يريدون تحويل الأديان إلى ساحة للحروب وليس للتعايش.

وستشهد الإمارات في هذا العام التشغيل التجاري لأول مفاعل عربي سلمي. أما الحدث الأهم فهو انطلاق معرض إكسبو 2020 دبي، ليتزامن هذا الحدث العالمي الكبير مع اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات.

لو أن التطوّر الشامل الذي شهدته وتشهده الإمارات انتقل إلى بلدان عربية أخرى، فمن المؤكد أن حال العرب سوف ينقلب إلى الأفضل.

* رئيس تحرير صحيفة «الشروق» المصرية

عماد الدين حسين*

Email