دور الأسرة في تنشئة طفل مبدع وعبقري

ت + ت - الحجم الطبيعي

المبدعون والعباقرة يولدون وهم يحملون هذه الصفات والمقومات، فقد نجد الأطفال فائقي الذكاء في أي مكان، خاصةً رياض الأطفال والمدارس التي تنطلق فيها طاقاتهم الإبداعية، وتظهر أولى علامات النبوغ والتفوق الذي يبشر بطفل عبقري مستقبلاً.

وقد أكد اختصاصيون، وجود مؤشرات تدل على الذكاء لدى الطفل، وعلى الوالدين أن ينتبها لها، وأن يعملا على تحفيزها بكل الطرق والوسائل، ومن هذه المؤشرات، إصرار الطفل على أن يجيب عن كل شيء، أو يرد بنفسه على كل سؤال قبل الآخرين، كما أنه غالباً ما يبحث في البيت عن مصادر أو مجالات تعلم أخرى، تسمح له بإيجاد أجوبة عن تساؤلاته خارج الإطار المدرسي، مثل تفكيك الألعاب لاكتشاف ما بداخلها، ومطالعة الكتب إذا ما توفرت، أو قضاء وقت طويل أمام شاشة الكمبيوتر، أو التسلية بالألعاب المعقدة التي تفوق مرحلته العمرية، وما يحسم في نبوغ الطفل، هو تحقيقه لدرجات مرتفعة في اختبارات الذكاء العالمية IQ، إذ يعتمد الاختبار على عدة أسئلة، ترتكز على المنطق وسرعة البديهة، وغيرها من المهارات الذكائية، وهي تطرح على عدد من الأطفال من فئات عمرية معينة، فإذا نال طفل معدلاً أقل بكثير من المعدل العام، الذي هو 130 درجة، فهذا دليل على أنه أقل ذكاء من الفئة العمرية التي ينتمي إليها، أما إذا نال أعلى من المعدل المطلوب، فذلك يعني أن لديه قدرات ذكائية تفوق من هم في مثل سنه، يحتاج الطفل الفائق الذكاء أو العبقري، إلى معاملة خاصة من الأهل والمدرسة، ومن الضروري حصول تعاون بينهما، ليستطيع هذا الطفل التكيف مع المجتمع حوله، وبلورة ذكائه، وذلك من خلال وضع برامج تربوية ومنهجية تناسب ذكاءه.

ولأن البيت والأسرة على وجه الخصوص هي الحاضن الأول للطفل، وهي المسؤولة عن تنمية مواهبة وقدراته، وجعله طفلاً موهوباً وعبقرياً، من خلال عدة وسائل، أهمها مساعدة الطفل منذ الصغر على اكتشاف اهتماماته، ما يساعده على تطوير مهاراته الذهنية، والمثال على ذلك، هو تجربة اختصاصي علم النفس الهنغاري، لازلو بولغار، الذي كان يؤمن بأن العبقرية ليست قائمة على عامل الوراثة فقط، وإنما يمكن بالتربية خلق طفل عبقري مبدع، حيث طبق هذه النظرية على أطفاله الثلاثة منذ الصغر، حيث قام بتعليمهم لعبة الشطرنج منذ عمر الخمسة أعوام، وتعد أشهرهم اليوم، ابنته جوديت بولغار، التي تعتبر اليوم أعظم لاعبة شطرنج أنثى في التاريخ، ومصنفة من عباقرة العالم، بسبب ذكائها الذي تم توجيهه للعبة الشطرنج منذ الصغر.

ولكي نربي طفلاً عبقرياً، يجب أن نقوم بتعليم أطفالنا دروساً ومعلومات جديدة ومختلفة عما يتلقونه من المدرسة، لكي تغرس في طفلك حب التعلم والبحث عن المعلومة بكل وقت ومكان، وبمختلف الطرق، ولكي يعلم أن البحث وحب القراءة والاطلاع، ليس مرتبطاً فقط بالدراسة المدرسية أو الجامعية، إنما هو أسلوب حياة، لمن يحب أن يكون متعلماً مدى الحياة، ومن أحد الطرق التي تمارسها الدول المتقدمة، كبريطانيا، على سبيل المثال، هو تشجيع الطفل على القراءة، بحيث يبدأ الطالب اليوم الدراسي بدرس القراءة أولاً قبل كل الدروس.

وأخيراً، نصيحتي لكل أب وأم، لا تكن عصبياً أثناء عملية تعليم الأبناء، فالعصبية والصرامة، تجعل الطفل ينفر ولا يحب مجال التعليم برمته، والمثال على ذلك، قصة الفتاة الماليزية صوفيا يوسف، التي استطاعت أن تنتظم للدراسة في جامعة أكسفورد، وهي بعمر الثالثة عشرة سنة، لأنها كانت عبقرية في الرياضيات، ولكنها عند بلوغ السنة الخامسة عشرة من عمرها، اختفت من الجامعة والمنزل، وبعد فترة، وجدت تعمل نادلة في أحد المطاعم، وكان السبب في هروبها من الجامعة والمنزل، هو الضغط الذي كانت تمارسه عليها الأسرة من أجل الدراسة، إذا كنت ترغب بتربية طفل ذكي وعبقري، عليك بمحاولة رعاية مواهبه وقدراته منذ الصغر، واختيار أفضل الفرص لتعليمه وتطويره، مع دمج أساليب التعليم والتسلية معاً، من أجل تحبيبه بالتعلم، فالإبداع يبدأ من المنزل أولاً.

Email