نظرة العرب للانتخابات الأمريكية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسبوع بالضبط من اليوم، (أي يوم الثلاثاء المقبل وربما صباح يوم الأربعاء بحسب فارق التوقيت مع الولايات المتحدة)، سيعرف الجميع في العالم من هو الساكن الجديد في البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن ولمدة أربع سنوات مقبلة، وعليه ستكون على العواصم السياسية في العالم، ترتيب ملفاتها إما للتعامل مع دونالد ترامب، أو الاستعداد لنهج «جديد وقديم» مع المرشح الديمقراطي جو بايدن؛ الذي يظن البعض أنه بعيد عن رئاسة الولايات المتحدة بعد المناظرة الثانية والأخيرة التي سجلت أعلى استطلاعات لصالح ترامب.

إلى يوم الثالث من نوفمبر المقبل، فإن وتيرة التغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية ستتلاعب بالحالة النفسية للرأي العام العالمي والإنسان العربي بالتحديد وستعلو تلك الحالة بالتفاؤل وتنخفض مع كل تحرك يقترب أو يبتعد عن أمنياته حول المرشح الذي يتمنى يصل إلى البيت الأبيض، ليس فقط كون من يرأس الولايات المتحدة هو فعلاً من يدير الملفات العالمية، ولكن لأن كلاً منهما بات له أجندات سياسية تقترب أحياناً وتبتعد من اهتمام المواطن العربي.

ولو أردنا أن نستعرض أمنيات الإنسان العربي من واقع وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت اليوم ساحة لاستطلاع آراء الناس، يمكننا القول إنه لا توجد رغبة عربية موحدة ميل واحد تجاه أي من المرشحين؛ فهناك فريق يريد استمرارية الرئيس دونالد ترامب، وهو الأغلب والأكثر صراحة، لمدة أربع سنوات مقبلة، وهو يرى فيه مصلحة خاصة في خدمة أجندته السياسية، وأن المواقف التي أبداها خلال الفترة الماضية تؤكد أنه لن يكون «بطة عرجاء» في مواجهة الملفات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. والفريق العربي الآخر ممن يحملون أفكاراً تخدم أجندات خارجية، يعتقدون أن بايدن هو الأفضل لأنه أكثر «عقلانية» واهتماماً بالقضايا الإنسانية والبيئية من ترامب، لكن في الحالتين ستكون هناك مفاجأة لأحد الفريقين من العرب.

الكل، في العالم، مهتم بالانتخابات الأمريكية، فهي الدولة الديمقراطية الأكبر في العالم والأكثر تأثيراً في السياسة الدولية، ولكن الأمر يختلف بين دولة وأخرى، ففي حين بعض الدول (أغلبها غير عربية) تهتم من باب دراسة وتحليل توجهات المرشحين والحزبين المتنافسين من أجل فهم طريقة التعامل مع القادم الجديد إلى البيت الأبيض تجاه ملفات المشتركة، فإن اهتمام العرب لا تتجاوز مسألة الاهتمام من باب التمني والدعاء بفوز من نرغب فيه، لأنه يعني في المقابل صفعة للفريق الآخر لا أكثر.

ينبغي أن لا نبني أمالاً وتوقّعات كبيرة من أي من المرشحين أو نكاد نتجاوز ما يتأمله الإنسان الأمريكي نفسه في القادم الجديد، لا ينبغي أن يتنفس بعضنا الصعداء بمجرد أن مؤشرات المناظرة أو استطلاعات الرأي أعطت بايدن نسبة أعلى من ترامب أو العكس، وإنما ينبغي ترتيب ملفاتنا وقضايانا للدفاع عنها وفق النظم الدبلوماسية وجماعات الضغط المتعارف عليها في الولايات المتحدة للحصول على أقصى درجات المصلحة السياسية.

الاعتقاد بأن مجيء طرف معين سيكون له الأثر الإيجابي على الأوضاع العربية، كما تفسر بعض التحليلات العربية وأن فوز أحدهما هو بمثابة خسارة للعرب هو دلالة على أننا لم نستفد بعد من تجاربنا السابقة ولم نصل إلى الإدراك الكامل لطبيعة العلاقات الدولية بأن مواقف الرئيس الأمريكي (بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه) إنما هي نابعة من استراتيجية دولة، وليس من رغبات الرئيس الذي يظل في النهاية هو ابن دولة المؤسسات حتى وإن كان يبدو أنه يمتلك هامش حركة، ولكنها تبقى ضمن إطار المصلحة الأمريكية.

ما يحدث حالياً من اهتمام عربي للانتخابات الأمريكية هي حالة متكررة كل أربع سنوات وهو أمر جميل ورائع، لكن حتى نكون واقعيين وعمليين علينا ألا نضع كل احتمالاتنا بفوز من نتمنى أن يفوز لأننا وقتها قد يربك مواقفنا مع الآخرين، فكل الخيارات واردة وغير مستبعدة خاصة في الانتخابات الأمريكية.

المراهنة على شخصية من يصل إلى البيت الأبيض دون التفكير في كيفية الاستفادة من وجوده لم تورثنا سوى الحسرات، لذلك لا بد من تغيير طريقة الاهتمام بالشخص الذي سيسكن البيت الأبيض الذي سيعرفه الكل في العالم يوم 3 نوفمبر.

Email