القانون للجميع

العمليات المصرفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

سنشرع في كتابة سلسلة مقالات نخصصها، بإذن الله، للعمليات الخاصة بالمصارف، وذلك من وجهة نظر قانونية، حيث سنشرع في تعريف تلكم العمليات، ونعرج لأهم النصوص القانونية المنظمة لها حتى يتمكن القارئ الكريم من الإلمام بالعمليات المصرفية قبيل الدخول فيها ورأي القانون إن أقدم بالفعل على الانخراط في أي من تلكم العمليات.

نبدأ بالوديعة النقدية المصرفية: وهي عقد بمقتضاه يسلم شخص مبلغاً من النقود بأية وسيلة من وسائل الدفع إلى المصرف، الذي يلتزم برده لدى الطلب أو وفقاً للشروط المتفق عليها بين الطرفين، وحيث إن العميل قد أودع النقود لدى المصرف، فإن الأخير يكتسب ملكية تلك النقود المودعة، ويملك الحق في التصرف فيها لكل احتياجاته الخاصة، وذلك شريطة أن يلتزم المصرف برد مبلغ مماثل وبالعملة المودعة ذاتها للعميل متى طلبها الأخير أو متى تحققت الشروط، التي اتفق وتراضى عليها الطرفان.

وقد اعتبر قانون المعاملات التجارية الوديعة النقدية غير المخصصة للاستثمار، ديناً، وهو الأمر الذي يترتب عليه أثر مهم للغاية، وهو أنه إن كان هنالِك دين بين العميل والمصرف فإن للأخير إجراء المقاصة بين مبلغ الوديعة ومبلغ الدين، وحتى إن اتفق الطرفان في العقد المبرم بينهما على عدم حق المصرف في إجراء المقاصة، فإن القانون لا يعتد بذلك الاتفاق ويعتبره اتفاقاً باطلاً وهو والعدم سواء.

وما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن الوديعة لا تعطي العميل الحق في سحب مبالغ تزيد على المبلغ الفعلي المودع لدى المصرف، ومتى أجرى العميل أي عملية ترتب عليها أن يصبح رصيده دائناً، فإنه يتوجب على المصرف إخطار العميل فوراً، وذلك للقيام بتسوية مركزه المالي.

وقد أعطى القانون الحق للمصرف في أن يفتح حساباً للوديعة يكون مشتركاً بين شخصين أو أكثر بالتساوي بينهم، وذلك شريطة مراعاة أربعة أحكام:

أولها: فتح الحساب من قبل أصحابه جميعاً أو من قبل شخص مفوض منهم بتفويض مصادق عليه من جهة رسمية، ويتفق أصحاب الحساب على كيفية السحب.

وثانيها: متى ما وقع حجز على رصيد أحد أصحاب الحساب فإنه يسري على حصة المحجوز عليه، وعلى المصرف متى تم إبلاغه أن يوقف السحب من الحساب بما يساوي الحصة المحجوزة، وأن يبادر إلى إبلاغ الشركاء أو من يمثلهم بالحجز الواقع في مدة لا تتجاوز 5 أيام من إيقاعه.

وثالثها: عند إجراء المصرف للمقاصة بين الحسابات المختلفة لأحد أصحاب حساب الوديعة المشترك، فإنه لا يحق للبنك إدخال هذا الحساب المشترك في المقاصة إلا بعد الحصول على موافقة خطية من باقي الشركاء.

آخرها: أنه وعند وفاة أحد أصحاب الحساب المشترك أو فقدانه للأهلية سواء لجنون أو عته أو سفه أو مرض أو غيرها من العوارض، فإنه يتوجب على باقي الشركاء إخطار البنك بتلك الوفاة أو ذلك الفقدان للأهلية في مدة أقصاها 10 أيام من تاريخ الوفاة أو فقدان الأهلية، كما أنه يجب على المصرف إيقاف السحب من الحساب المشترك من التاريخ، الذي تم ابلاغه فيه، وذلك لحين تعيين خلف له، سواء كان وكيلاً من بين الورثة أو وصياً للمحجور عليه.

وسنواصل في المقال القادم، بمشيئة الله، شرح ما تبقى من العمليات المصرفية في إيجاز نرجو ألا يكون مخلاً بالمعنى ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، والله نسأله التوفيق والسداد.

Email