«مشروع تصميم الخمسين» والدور المجتمعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أهم ما يميز دولة الإمارات، ويمثّل الأرضية الصلبة لتجربتها الفريدة في الحكم والتنمية والرخاء، هي حالة التلاحم الوطني الفريد التي تربط بين أبناء المجتمع بعضهم البعض، وبينهم وبين قيادتهم الرشيدة، وهي الحالة التي جسّدتها المقولة الجامعة المانعة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «البيت متوحد»، وكذلك الحرص المتبادل من قبل القيادة والمجتمع بفئاته المختلفة على الارتقاء بهذا الوطن العزيز والوصول به إلى أعلى المراتب الإنسانية والحضارية.

هذا التلاحم والتماسك الوطني نجده حاضراً بقوة في التفاف المجتمع حول قيادته الرشيدة، التي تحرص على إشراك أفراد المجتمع كافة في رسم مستقبل بلادهم. وهذا النهج الحكيم القائم على إشراك أفراد المجتمع في بناء مستقبل بلدهم، صاغ أسسه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي كان يؤكد دائماً أهمية المشاركة بالرأي لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، وكان مجلسه مفتوحاً على الدوام أمام المواطنين كافة، للاستماع إلى آرائهم وأفكارهم وتصوراتهم حول مستقبل وطنهم وكيفية بنائه.

ومن كلماته الخالدة، رحمه الله، في هذا الصدد قوله: «من لم يشاركنا الرأي فليس منا»، والذي يشجع فيه المواطنين على المشاركة بآرائهم التي تخدم مصلحة الوطن وأبنائه. وبهذه الفلسفة الحكيمة، تمكن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قبل 50 عاماً من تصميم مستقبل الإمارات المشرق الذي نعيشه اليوم واقعاً.

وعلى النهج نفسه، سار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أطلق «مرحلة التمكين» والتي تجسّد بوضوح فلسفة إشراك المجتمع والمواطنين في صنع مستقبل بلدهم، وتمكينهم للقيام بهذا الدور. كما عززت مواقف وسياسات كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هذه الفلسفة الحكيمة، والتي تجسدت في تولي أبناء الوطن، وخاصة من الشباب والمرأة، قيادة وتنفيذ المشروعات الوطنية الطموحة التي صاغتها القيادة الرشيدة، كجزء من تخطيطها للمستقبل، مثل مشروع «مسبار الأمل» والبرنامج النووي السلمي للإمارات.

ضمن هذا السياق، جاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مشروع تصميم الخمسين عاماً القادمة لدولة الإمارات، الذي يستهدف إشراك أفراد المجتمع في رسم مستقبل بلدهم، ووضع محاور ومكونات خطتها المئوية وخطتها التنموية الشاملة خلال الخمسين عاماً المقبلة.

وكان سموه واضحاً ومباشراً في تأكيده لهذه الفلسفة الحكيمة بقوله: «قبل خمسين عاماً بدأ الآباء المؤسسون وفرق عملهم مهمة لإشراك الناس في صناعة ورسم مستقبل الإمارات كما نراها اليوم..».

وأضاف سموه: «واليوم نعيد إحياء مهمة الآباء المؤسسين، ونبدأ مهمة الاستعداد للخمسين عاماً المقبلة وصولاً إلى مئوية الإمارات بأكبر فريق تصميم في العالم، دورنا أن نصمم إمارات المستقبل للأجيال القادمة، وأن نشرك الناس في التصميم كما فعل الآباء المؤسسون في مهمتهم، نريد تدشين أفضل عملية لتصميم الدول، نريد أن يساهم المواطنون والمقيمون في رسم أفضل مستقبل لدولة الإمارات».

هذه الفلسفة الحكيمة التي تسعى إلى أن يكون أفراد المجتمع شركاء في صنع مستقبل بلدهم، ووضع وتنفيذ خطته التنموية الشاملة، هي التي ستصل بالإمارات حتماً إلى تحقيق رؤيتها الطموحة، لتكون أفضل بلاد العالم قاطبة. ففي ظل مجتمع محب لوطنه، وملتفّ حول قيادته، وحريص على أن يشارك في صنع المستقبل المشرق الذي يتمناه، وفي ظل وجود قيادة حكيمة تنظر دائماً للمستقبل، وتعمل من أجل تحقيق الريادة فيه، وتحرص على السماع لكل الآراء البناءة والإيجابية، وإشراك الجميع في صنع هذا المستقبل.. في ظل هذه المعادلة الرائعة سنحقق حتماً طموحاتنا في الخمسين عاماً القادمة، حتى لو كانت مستحيلة.

Email