الإمارات والسعودية رؤية واقعية للعلاقات الدولية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تاريخياً ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة مع المملكة العربية السعودية بروابط قوية ومتجذرة على مر السنين، حيث تستند تلك العلاقات إلى عمق التاريخ وامتداد الجغرافيا. فالبناة الأوائل للدولتين تشاركا رؤية واحدة قائمة على التعاون المشترك لحماية مصالح شعوبهما والمصالح الإقليمية والعربية. سياسياً تتشارك الإمارات والسعودية في تبنى رؤية جديدة للمنطقة العربية، مبينة على أسس عقلانية ومسؤولية مشتركة، قائمة على الحرص على مصالح شعوبها وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار للمنطقة. فالإمارات والسعودية تتشاركان في تلك الرؤية الحقيقية والرغبة في بناء مستقبل أفضل للامة العربية ولشبابها، مبنية على تنمية أنموذج تنموي جديد يستقي أسسه من تاريخ وثقافة المنطقة. كما أن كلاً من الإمارات والسعودية دولتان تشتركان في الرغبة الحقيقية في توثيق أواصر العلاقات مع العالم الحديث، وبناء نماذج جديدة للدول الحديثة القادرة على مد الجسور مع كافة دول العالم على اختلاف أديانها وثقافاتها وأجناسها.

ولا شك أن السياسات التي تتبعها الدولتان هي سياسات مدروسة تستقي مبادئها من الحرص على المصالح الوطنية والإقليمية في إطار التعايش والتسامح مع جميع الشعوب حول العالم. وهي أيضاً سياسة قائمة على التنمية المستدامة والرغبة في مد الجسور مع العالم المتقدم، الذي ينشد العلم والتنمية والازدهار الاقتصادي، وينظر إلى المستقبل نظرة أمل وتفاؤل. ولا شك أن تسارع الأحداث في المنطقة العربية والأخطار المصيرية التي تواجه منطقة الخليج، والاستقطابات الإقليمية ككل، سرّعت الخطى نحو تبنى استراتيجية موحدة بين الدولتين، قائمة على التعاون والتحالف لتنفيذ الأهداف الاستراتيجية، وحماية مصالح شعوبهما. فمنطقة الخليج الاستراتيجية تحتاج إلى تعاون جميع الأطراف لحماية الأمن، وتحقيق الاستقرار حتى تستطيع شعوبها العيش بسلام ورخاء مع كافة الشعوب المحيطة بها. إن ما حققه التعاون والتحالف الإماراتي - السعودي على مدى العقود الماضية، هو خير دليل على أن هذا التحالف يصبّ في المصالح الوطنية لشعوب البلدين وشعوب العالم العربي. فالخليج لا يعيش منعزلاً، بل يعيش وسط إقليم حيوي من أقاليم العالم، ومنطقة الخليج أثبتت عبر التاريخ أن استقرارها وأمنها يصبان في مصلحة استقرار وأمن العالم بأسره.

إن منطقة الخليج الغنية بالطاقة، كالنفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى، في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى الاستقرار والتحالف بعيداً عن خطابات وشعارات الماضي، والخطابات الجوفاء التي لم تؤدِّ إلا إلى الحروب والدمار وزعزعة الاستقرار. فالخطاب الذي تتبناه كل من الإمارات والسعودية هو خطاب الوسطية والاعتدال بعيداً عن الخطاب الأصولي المنتمي إلى التيارات المتشددة والرافضة للتعاون مع الآخر الذي ينشد السلام. ولذا يعتبر الكثير من المحللين أن العلاقات الإماراتية – السعودية أنموذج للعلاقات التي من المفترض أن تسود بين الدول المتجاورة.

إن المملكة العربية السعودية وهي تحتفل بيومها الوطني التسعين، إنما تحتفل بكمية من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تركت بصمة قوية على تاريخ منطقة الخليج والشرق الأوسط. فقد أصبح الاقتصاد السعودي أقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، كما أن المملكة اليوم لاعب مؤثر على الصعيد الدولي، وبالتعاون والتحالف الإماراتي يصبح هذا التحالف لاعباً فاعلاً في شؤون الشرق الأوسط والعالم.

إن دولة الإمارات، وهي تشارك السعودية فرحتها بهذه الإنجازات، إنما تقف معها في خندق واحد لتنفيذ الأهداف المشتركة، ومواجهة تلك الاستقطابات الإقليمية التي تواجه منطقة الخليج وتدفعها نحو عدم الاستقرار. فكل من دولة الإمارات والسعودية تنطلقان اليوم من قيم التسامح والتعايش والتي تعد من ثوابت السياسة الخارجية لهما لعقود مضت. وقد استطاعت هاتان الدولتان أن تحققا رصيداً من الثقة الدولية، الأمر الذي وفر لهما احتراماً وثقة على مستوى العالم. فكل من قيادة الإمارات والقيادة السعودية تعملان معاً لإيجاد صيغ التوافق والتعايش لجعل منطقة الخليج بعيداً عن تلك التحالفات والاستقطابات الإقليمية التي تحاول جر المنطقة إلى أتون الحرب.

* جامعة الإمارات

Email