دروس جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيتوقف السياسيون أمام الآليات الجديدة في التفاوض، التي عملت عليها معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية، فمنذ قرار التقسيم جاء إلى المنطقة عشرات الوسطاء، وجرت مئات من جولات التفاوض، إلا أن كل هذه الأطروحات أثبتت أنها غير مجدية، ولم تحقق للعرب أو للفلسطينيين أي إنجاز سياسي أو دبلوماسي، إذاً كيف نجحت معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية في ابتكار آليات جديدة في التفاوض واستخلاص مكسب كبير من إسرائيل لم تقدم على مثله منذ اتفاق كامب ديفيد؟

ما طرحته دولة الإمارات من خلال معاهدة السلام نموذج للتفاوض يمكن أن يستفيد منه الفلسطينيون، ويقوم هذا النموذج على مبدأ «خطوة مقابل خطوة»، بمعنى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بالتزامن وليس بالتتالي، حيث تلتزم إسرائيل بوقف ضم الأراضي الفلسطينية، مقابل بناء علاقات طبيعية مع دولة الإمارات، وهو معيار وإطار وآلية يمكن تطبيقها على باقي القضايا العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن هذه الآلية من التفاوض وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه تسمح لأول مرة في المنطقة بإيجاد مساحة من الثقة من خلال الالتزام المتبادل، وبعدها يمكن الانتقال للخطوة الثانية والثالثة وهكذا حتى حل كل الخلافات والقضايا العالقة.

نجحت دولة الإمارات بخطوة واحدة في تحقيق مكاسب كبيرة للعرب والفلسطينيين أولها وقف الضم، لكنها أيضاً أكدت للإسرائيليين قبل حكومتهم وأحزابهم أن لدى العرب والفلسطينيين نوايا صادقة للسلام والتعايش المشترك، وأثبتت الإمارات للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل العالم أنّ هناك فرصة للشراكة وتحقيق السلام وبناء المنطقة على أسس من التعاون وليس التشاحن والحروب، وهو ما يمكن تفعيله وتطبيقه بين إسرائيل وباقي الدول العربية، فإسرائيل وقعت من قبل مع مصر اتفاق كامب ديفيد، ومع الأردن اتفاق وادي عربة، ومع الإمارات معاهدة السلام، وإعلان تأييد السلام بين إسرائيل والبحرين.

ولهذا يمكن إطلاق «آلية جديدة» من التفاوض تقوم على مبدأ 19 مقابل 19، بمعنى 19 دولة عربية التي لم توقع بعد معاهدة سلام مع إسرائيل مقابل 19 خطوة إسرائيلية يتحقق من خلالها حل الدولتين واسترجاع كل الحقوق الفلسطينية، وهو ما يوفّر فرصة للعواصم العربية للتنسيق فيما بينها، بحيث يكون تفاوض كل دولة عربية مع إسرائيل يقوم على محور أو قضية عالقة بين تل أبيب والفلسطينيين، وهو نهج وآلية جديدة لم تختبر قبل معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية.

 

Email