هل تصمد هدنة ليبيا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تفاءل العالم كله بقرب حل الأزمة الليبية بإعلان اتفاق طرابلس لوقف إطلاق النار، لكن حكومة فايز السراج تسير في خطين متناقضين، حيث تدعو إلى التهدئة، وفي المقابل تحرك مجموعات المرتزقة للاقتراب من سرت، وحقيقة الأمر أن السلطة الفعلية ليست في يد حكومة السراج وإنما تركيا، التي تسيّر المشهد الليبي، حيث إن اتفاق الهدنة يعد سيناريو تكتيكياً في محاولة تضليل العالم بمنحى السلام في مقابل الحشد العسكري دون إثارة الانتباه.

احتمالات صمود هدنة ليبيا تتضاءل في ظل استمرار الحشد العسكري التركي على حدود سرت، فبعدما فشل الرئيس التركي أردوغان في تحقيق أطماعه التي لا تخفى على أحد، فإنه لجأ إلى حيلة هدنة طرابلس للتغطية على نواياه الحقيقية بشأن الوضع في ليبيا، وما التعزيزات العسكرية الضخمة التي عبرت الحدود إلى ليبيا، وهي أضخم تعزيزات تستقدمها القوات التركية من مرتزقة وأسلحة للمنطقة، إلا تعبير بيّن عن ذلك.

أردوغان، يجاهر بجريمة الإرهاب، من خلال «شحن» مقاتلين ينتمون لجماعات إرهابية إلى ليبيا لدعم الميليشيات الموالية له في طرابلس، فالصراع الليبي، الذي يبدو داخلياً في شكله، هو صراع ليبي تركي، فلقد أوجد أردوغان من خلال حكومة السراج موطئ قدم في ليبيا، فلا سلطة وطنية تستمد شرعيتها من خارج الوطن من خلال العمل على شرعنة السلاح وجلب المرتزقة ومحاولة نهب النفط تحقيقاً لمطامع تركية في المتوسط.

أي حكومة شرعية يجب أن تكون صادقة تجاه شعبها وعليها واجب حمايته، إلا أن حكومة السراج، التي تدعي الشرعية، تريد منح ليبيا على طبق من ذهب لأردوغان، فلن تنجح أية مبادرة ما لم تضمن سحب المرتزقة التابعين للوفاق، وتفكيك القواعد العسكرية التركية، وقد حان الوقت للبحث عن خيار منصف وعادل لصالح الشعب الليبي يحميه من التدخل التركي ويضع لبنة أساسية لقيام دولة القانون، وعندها لا يبقى لتركيا أي ذريعة للمناورة.

Email