الإمارات.. بلد الخير والعطاء والإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ النشأة المباركة لهذا البلد الطيب المِعطاء حين نهض المؤسس الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان رحمه الله، يسانده في مشروعه وأحلامه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رحمه الله، ومعهما رجال الوطن وفرسانه من شيوخ الإمارات السبع، منذ تلك اللحظة الفريدة في تاريخ الوطن، وهذه الدولة ممدودةُ اليدِ بالخير والعطاء والبذل للشقيق والصديق وكل محتاج يدفعها إلى ذلك شعور صادق بالانتماء إلى هذه الأمة في جناحيها الكبيرين: العروبة والإسلام، ثم امتدت يد الخير والعطاء لتشمل الإنسانية جمعاء انطلاقاً من قيمنا العالية، وأخلاقنا الرفيعة التي يأمرنا بها ديننا، وتوارثناها بأصالةٍ وشرفٍ عن آبائنا وأجدادنا الذين تعلّمنا منهم مكارم الأخلاق، ونصرة الضعيف، وإغاثة الملهوف، ورحمة الفقير، ونجدة المحتاج، وكل الفضائل والمناقب التي تمّ ترسيخها كأسلوب حياة يمارسه حُكام البلاد وأبناء الوطن بكل أريحيّة وكرامةٍ واقتناع.

وما أروع ما عبّر به صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، عن هذا المعنى بقوله في قصيدته الجميلة (مجد الإمارات):

وطني إماراتُ العروبة والندى

                 نالتْ من التقدير لُبَّ لُبابه

وطنٌ أقامَ الفخرَ في أرجائه

                 والعدلَ والإحسانَ بين هِضابه

ولزايدِ الحرّ الكريمِ مكانةٌ

                 في كلّ سطرٍ من شريف خطابه

ولم تكن هذه الأخلاقية الرفيعة موقفاً عابراً ولا سلوكاً طارئاً، بل هي منهج حياة امتدّ على طول المسيرة المباركة لهذا البلد الطيب المِعطاء منذ خمسين عاماً وأكثر، وهو ما يشهد به الصديق والشقيق ممّن اختاروا الإمارات وجهةً لهم ومكاناً للعيش والعمل حيث انخرطوا في الحياة والعمل بانتماء صادق لِما رأوا من حُسن المعاملة وكرم الأخلاق في كافة مرافق الدولة والمؤسسات، فهم يحبون هذا الوطن ويرفعون عَلَمَه فوق صدورهم تعبيراً عن صادق انتمائهم لبلدهم الثاني الذي منحهم كل ما يجلب لهم السعادة والسكينة والأمان.

وتأكيداً على هذه المعالم الراسخة في سياسة الدولة نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله في حسابه على «أنستغرام» كلمة بصوته الواثق تؤكد هذه المعاني الراسخة حيث قال: «لا نتأخر في دعم الشقيق والصديق والمنكوب أينما كان» وهو ما تشهد به الوقائع والأحداث والمواقف، فالإمارات هي الدولة السبّاقة في عمل الخير مع جميع الأشقاء والأصدقاء، ومنذ نشأة الدولة وهي تقدم من الدعم والمساندة للأشقاء ما ينوء بحمله الجبال ومع ذلك فهي تقدّم ذلك عن كرم أخلاق، وتعبيراً عن إحساسها العميق الصادق بمعنى الأُخوّة ولا تنتظر من أحدٍ جزاءً ولا شُكوراً، وتتحمل بأخلاق الكرام كل الأعباء التي يُمليها عليها عمق انتمائها إلى أمتها.

بعد ذلك يتكلم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصيغة الغائب تأكيداً لمعنى الحضور فيقول توضيحاً لكل ما سبق وتفصيلاً لما تمّ إجماله في العبارة السابقة: «تنصر الضعيف، وتُعلّم الصغير، وتسدّ جوع الفقير، وتُغيث الملهوف، وتُعالج المريض، وتنشر رسالة محبة الإنسان لأخيه الإنسان، وتحمل لواء العطاء لكل البشر» لتُذكّرنا هذه الكلماتُ الرائعات بحلف الفضول، ذلك الحلف الذي تعاهدت من خلاله بطونٌ من قريش على نصرة الضعيف وإغاثة الملهوف، وانتزاع الحق من الظالم، وهو الحلف الذي أثنى عليه محمد رسول الله صلى عليه وسلم وذكره بكل خير بعد بعثته الشريفة تأكيداً على معاني الخير وأنها مقبولة من أي إنسان ما دام محتواها منسجماً مع محتوى الشريعة الأخلاقي، وهل تكتمل إنسانية الإنسان وينبلُ قدره في هذه الحياة إلا إذا كان يمتلك قلباً حيّاً يشعر بأوجاع أخيه الإنسان، ويقدم له كل ما يستطيع من حقائق الدعم والمساندة ولا يكتفي بلَوْكِ الكلام واجترار الشعارات الفارغة التي لا تُسمنُ ولا تُغني من جوع، فالإمارات العربية المتحدة بحمد الله هي بلد القول والفعل، وهي بلد الرجال الفرسان الذين يقدمون ما يقدمون من دون أدنى شعورٍ بالمِنّة على أحد بل هي أخلاق متأصلة في شخصياتهم توارثها كابرٌ عن كابر، وفي هذه الكلمات المضيئة يضيء صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المسار من جديد ليؤكد عمق القناعة بأهمية عمل الخير لجميع البشر انطلاقاً من القيم الرفيعة التي ترسخت عبر المسيرة الطويلة للدولة، وهو ما أكده صاحب السموّ في حسابه على تويتر حيث قال: «دولة الإمارات قامت على مجموعة مبادئ أرساها المؤسس طيّب الله ثراه وأهمها: نصرة الضعيف، وإغاثة المحتاج ودعم الشقيق والصديق».

ثم ذكر سموّه رقماً مذهلاً في حجم التبرعات التي قدمتها الإمارات في السنوات الخمس الأخيرة حيث بلغ مجموعها مئة وثمانية مليارات درهم تم تقديمها لاثنتين وأربعين دولة حول العالم، فأين هي الدولة التي تملك هذا المنظور الفريد في التعاطف مع الإنسان شقيقاً كان أو صديقاً، وعلى الرغم من كل هذا العطاء فإنّ بعض من لا يحفظ الودّ يتنكر لهذا الدور الريادي العظيم للوطن، ولكن صاحب السموّ يؤكد ارتفاع القيادة عن هذا وغيره ليؤكد بنبرة جازمة أنّ الإمارات ستستمرّ على مبدئها مهما تبدّلت أحوال بعض مَنْ دعمتهم.

وتعزيزاً لما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يأتي صوت صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، ليؤكد عمق الموقف وأصالته وأنه ليس موقفاً إعلامياً لتسجيل المواقف بل هو ممارسة أخلاقية تعلمها هؤلاء الفرسان على يدي فرسان الوطن وبُناته الكبار، ليقول: «نحن نريد نرسل رسالة إيجابية، نحاول نرسل رسالة بما تعني من عاداتنا وتقاليدنا ومعانينا وآدابنا وأخلاقنا واللي تربّينا فيه» ليجتمع المُحمدان على المُضيّ قُدماً في تقديم الوطن النموذج الذي لا ينكص على عقبيه، ولا ينظر إلى الوراء، ولا يقابل السيئة بالسيئة بل يكظم الغيظ، ويغفر ويتحمل ويظل حافظاً لعهد الآباء والأجداد الذين رسّخوا قيمة البذل والعطاء منهجاً لا تحيد عنه الدولة ورجالاتها الكبار.

هذا هو وطننا الذي نفتخر به، ونعتزّ بالانتماء إليه، الوطن الذي بناه زايد على قيم الخير والتسامح والمحبة، وترك وراءه منهجاً لا يحيد عنه الرجال الكرام وفي طليعتهم شيخ الفرسان وسيد القوافي والبيان صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله الذي يخاطب شيخَه ومُلهمَه بعد وفاته قائلاً:

المنْهجْ اللي رسمتَهْ يا أبونا العودْ

                 عليه باقين والآمال تتجدد

والمنهل اللي بذلته وما عليكم زود

                 شعبك صباح و مسا من مورده يورد

Email