تركيزك سلعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سألني صديق بالأمس «ما أهم سلعة تتنافس عليها كبار الشركات» وقبل أن أجيبه استطرد «تركيزك». ذهلت من الإجابة التي وجدتها فعلاً مقنعة وفي محلها. يتعاون لاستحواذ تركيزك سلسلة طويلة عميقة من شركات كبيرة تدفع لخبرائها ومصمميها أموالاً طائلة لاقتناص تركيزك المشتت هنا وهناك. تركيزنا اليوم بالنسبة لهم سلعة يجذبون بها ذوي الخدمات والمنتجات الذين يبحثون عن أعلى المشاهدات ونسب التفاعل ليروّجوا ما لديهم.

تقرأ الآن هذا المقال وتجد إشعاراً عبر «واتساب» من زميل لك. لا تلبث أن تقرأه حتى يأتيك إشعار من «سناب» وهلم جرى. كل يحاول لفت انتباهك واستحواذ تركيزك. كم من مرة دخلت «يوتيوب» لتجيب عن سؤال في بالك ثم تجد نفسك قد قضيت الليلة بأكملها تقفز من فيديو لآخر، من دون أن تتذكر الكثير من بحر المعلومات المتدفق إليك.

تصمم هذه الشركات معادلات دقيقة من شأنها إبقائك منشغلاً بها أطول فترة ممكنة. تفتح الشاشة، فيلفت انتباهك الدوائر الحمراء التي تجعلك تفتح التطبيقات من دون تردد بتلقائية غريبة حتى في وسط اكتظاظ انشغالاتك. كل تطبيق يضع خصائص مستخدماً لوغاريتم لاستغلال «تركيزك» الذي من شأنك أنت فقط أن تتحكم فيه.

تركيزك قوة، اعرف كيف تحسن التصرف بهذه القوة وكيف توزعها. استثمر تركيزك في صقل مهاراتك، التعمّق في فكرة ما أو في تطوير هواية لك لتصبح مشروعاً يعود عليك بالنفع. عندما تكون قوى التحكّم في تركيزك بيديك حينها ستتمتع برجاحة العقل، وعمق التفكير. اسأل نفسك أيما أفضل الاطلاع على غلاف مئة كتاب أم قراءة كتابين. حينها ستدرك حجم عظم قوة التركيز ومدى وهن ما نقوم به أثناء تفتيت هذه القوة وتشتيتها في ملهيات تسعدنا لحظياً وتلهينا عن تحقيق أهدافنا طويلة المدى.

Email