الإمارات إلى مصاف الدول الكبرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحديث عن ثقة المجتمع الدولي بما تقوم به دولة الإمارات في المجالات التنموية بأشكالها كافة، ربما يتكرر في مقالات الرأي التي تنشر بين الحين والآخر. وهو فعل نجده جيداً ومناسباً ولا يقلل من قيمة أي مقال، بل يشير إلى أن الإمارات لديها في كل مرة ما تبهر به الرأي العام الدولي في كل فعل حضاري، أو لأن هذا الآخر (الغرب تحديداً) ليس لديه ثقة بنجاح الإنسان العربي وقدراته، ولكن عندما يتأكد له ما تفعله الإمارات لا يكون أمامه سوى الاعتراف بالحقيقة.

هذه النتيجة، استخلصتها من خبر منشور في «البيان» بتاريخ 24 يوليو 2020 حول تصريحات لرئيس وكالة الفضاء الفرنسية، جان إيف لو غال، عندما قال: «إن المجتمع الفضائي العالمي حين علم بنية الإمارات تسيير مهمة إلى كوكب المريخ، لم يأخذ الأمر على محمل الجد، لكنه اليوم وهو يتابع المسبار الإماراتي، وهو ينطلق بنجاح ويشق طريقه بثبات لإنجاز المهمة المرسومة له، تأكد له بالدليل، حكمة وبعد نظر قادة دولة الإمارات الذين رسموا لبلادهم طريقاً واضحاً نحو مصافّ الدول الكبيرة».

إن استعراضاً سريعاً لما قامت به دولة الإمارات خلال العقود الخمسة الماضية من مشروعات تنموية كبرى، يتأكد أن هناك قيادة سياسية تقود فريقاً متكاملاً في المجالات الحياتية المختلفة، وهذا الفريق على مستوى عالٍ من التفكير في إنجاح كل تجربة يقومون بها، وهو ما يساعد في تحقيق هذه النجاحات التي لا يتوقعها الآخر بل ويعزز الثقة الدولية في المشاريع التي يمكن أن تسند إلى دولة الإمارات، ولعل اختيارها ضمن الدول التي يتم إجراء فيها المرحلة الثالثة من تجارب لقاح (كوفيد 19) هو خير دليل على تلك الثقة، وهي مسألة، لمن يدركها، ليست بتلك السهولة.

تتعامل المؤسسات الإماراتية مع المشروعات التي تصنف بأنها مشروعات كبرى والتي اعتادت بعض العقول أن تقتصرها على بعض الدول الغربية وشرق آسيوية تتعامل معها، بطريقة عقلانية، وجدية كبيرة لأنها تكون محل تحد من الآخرين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات العربية التي ما يزال هناك من يتشكك في قدرتها على تحقيق إنجازات معينة، كما أن هذه المشروعات التي تطلقها الإمارات تجد دائماً خلفها «كتلة» شعبية عربية وإماراتية متماسكة تدعم تحركها، إما لأنها تثق بالقدرات الإماراتية، أو لأنها تريد لها النجاح، باعتبار أن أي قصة نجاح إماراتية هي -بدون أي نقاش- قصة نجاح عربية.

ربما تكون الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي تسير بخط مختلف عن باقي الدول العربية، سواءً من حيث استشراف المستقبل أو طريقة إنجاز المشروعات، وهي كما تسعد بمشاركة أشقائها العرب في هذه المشروعات ودعمها، فإنها في المقابل لا تريد سوى النجاح وإعادة الاعتبار للحضارة العربية الإنسانية، وكانت القيادة الإماراتية صادقة عندما قال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إن «مسبار الأمل» هو «إنجاز عربي»، ومثل هذا الحديث ليس جديداً على القيادة الإماراتية، فهو خطابها على مر العقود الماضية، كما أن مواقفها فيما يخص القضايا العربية تشهد بذلك.

من المناسب جداً هنا الحديث عن أنه من يُرِد أن يفهم مواقف الإمارات، سواءً من دول أو أفراد، بطريقة خاطئة، مع أنه يدرك قوة إرادة قيادتها، فعليه أن يتحمل نتيجة فهمه القاصر، الذي لا يريد له أن يتعدى نظره وليس رؤية القيادة الإماراتية البعيدة، رغم كل المشروعات والنجاحات.

الإمارات التي تراهن على الإنسان بشكل عام، ومقتنعة بقدرات الشباب العربي، خطواتها واضحة، وطموحها كبير، وهي لا تؤمن بالمستحيل، وبالتالي هي ليست محل التأويل أو التشكيك في أي قرار تريد أن تتخذه.

 

 

Email