مسبار الفخر

ت + ت - الحجم الطبيعي

من حق أي شخص أن يتفاخر بإنجازات وطنه، ومن حق أي وطن أن يتفاخر بإنجازات أبنائه، فكيف إذا كان الفخر بإنجاز وطنٍ صنعه أبناؤه، بالتأكيد سيكون للفخر معنى وقيمة مختلفة، وهذا فخرنا بمسبار الأمل؛ مسبار الفخر الذي صنع التاريخ لدولتنا، وأعاد بوصلة الإنجازات الفضائية للعرب الذين أضاعوها منذ مئات السنين، لتأتي دولتنا دولة الإمارات وتواصل هذه المسيرة وتعيد أمجاد علومنا وعلمائنا كأمة كان لها صولاتها وجولاتها في علوم الفضاء قديماً، واليوم يكتب التاريخ من جديد بأيادي أبناء الإمارات ليطلقوا مسبارهم إلى المريخ في أول مهمة فضائية عربية تصل للفضاء العميق.

بعد أكثر من 6 سنوات من العمل الدؤوب لمهندسينا وخبرائنا، حان موعد الإنجاز، حان موعد الاختبار، وحان معه موعد الأمل وأي أمل؛ إنه الأمل من أوسع أبوابه من الفضاء واتساع مجراته، الأمل الذي أرادت قيادتنا الرشيدة أن تضعه نصب عيني كل عربي، أن تضعه أمام كل حكومة عربية، بأننا قادرون على أن نكون في مصاف الدول المتقدمة فلا ينقصنا لا العدة ولا العتاد، إنما تنقصنا قوة الأمل وثقافة اللامستحيل التي وجدت في حكومتنا وقيادتنا ونشروها لتصبح ثقافة مجتمعنا الإماراتي، ولنرفع من سقف طموحاتنا، ونسابق الزمن لنطلق مشاريعنا ومبادراتنا العملاقة والتي ستكتب تاريخ ومستقبل دولتنا وتضع إنجازاتها جنباً إلى جنب مع إنجازات الدول المتقدمة، ونكتب قصة نجاح جديدة في كتاب النجاحات الإماراتية التي دائماً ما تكون استثنائية وفريدة من نوعها.

«مسبار الأمل» ليس مجرد مشروع لغزو الفضاء والوصول للمريخ ودراسة متغيراته إنما هو درس للبشرية، يؤكد أننا قادرون وأننا نملك إمكاناتٍ كبيرة وعظيمة إذا ما أردنا أن نوظفها في خدمة البشرية والإنسانية، وإذا ما أردنا أن نجعل نتاج عقولنا تغزو أبعد الكواكب لنحسن جودة الحياة على كوكبنا، ولربما يستغرب البعض عن العلاقة بين الاثنين، ولنجيب عن هذا التساؤل، فرحلتنا للمريخ ليست عبثاً أو لهواً، إنما رحلتنا للوصول لكوكب «ميت» وهذا الكوكب الذي يعتقد العلماء بأنه كان صالحاً للحياة في يوم من الأيام قبل أن يتدمر ويصبح كوكباً ميتاً، ولذلك دراسة كوكب المريخ وما الذي أودى به إلى هذه الحالة سيجعلنا أمام درس حي لكيفية المحافظة على كوكبنا الأرض قبل أن يموت وتصبح الحياة على سطحه معدومة، ولذلك جاء مشروعنا مسبار الأمل ليحمل معه الأمل بمستقبل أفضل للبشرية جمعاء، ويجيب عن أسئلة معقدة حول الكوكب الأحمر لنستفيد من هذه التجربة الحية التي أمامنا.

الأمل محفوف بمسبارنا من جميع الجوانب والاتجاهات، فقوة الأمل هي الدافع التي اتخذته دولتنا لإطلاق هذا المشروع العملاق؛ الأمل أن نطور شبابنا وشاباتنا ليكونوا علماء في المستقبل، لنرفع من سقف طموحاتهم لنصل بها إلى الفضاء، لنعيد لأمتنا عزيمتها في أن تشارك العالم وتضع بصمتها في العلوم المتقدمة بدل الاكتفاء باستقبال العلوم من الخارج، بل يجب أن نصدر العلم للعالم؛ «مسبار الأمل» هو أمل كل طفل يشاهد علوم الفضاء عبر أفلام الكرتون والقصص المصورة لنقول له ها هنا على أرضنا نرحب بكل مبتكر وبكل طامح يريد أن يضع بصمته في علوم الفضاء بمختلف مجالاتها وعلومها، وهذا ما تحاول دولتنا أن تقوم به؛ بأن تجد لأجيالنا المستقبلية مكاناً وحاضناً لإبداعاتهم وأفكارهم ولعلومهم في مجال الفضاء الخارجي، فنحن في الإمارات لا نقوم بإطلاق مسبار فحسب، بل نقوم بإطلاق مسار جديد في العلوم المتقدمة ونضع له موطن قدم في أرضنا وفي مجتمعنا وفي عقول شباب أمتنا.

رحلة «مسبار الأمل» هي نقطة تحول حقيقية في إنجازات دولتنا، وهي رسالة للعالم أجمع أن دولتنا وخلال 50 عاماً من التأسيس استطاعت أن تصل للمريخ، ليس صدفة أو مصادفة، إنما هو تخطيط عميق لحكامنا وقيادتنا الذين منّ الله علينا بهم وبطموحاتهم الكبيرة، ورؤيتهم لمستقبل شبابنا، والذين آمنوا بقدرة أبناء الوطن فلم يبخلوا عليهم بأن يضعوا بين أيديهم تجارب وخبرات كبيرة في جميع المجالات ومن ضمنها الفضاء وعلومه، وجعلوا هذا العلم الكبير خياراً متاحاً لكل حالم بأن يصل به لأبعد نقطة في هذا الكون الفسيح.

كان الجميع يقول إن سقف طموحاته عنان السماء، إلى أن جاءت الإمارات لترفع جميع الحدود، وجعلت الطموحات أبعد بكثير مما نتخيل، جعلت طموحاتنا تفوق الخيال ولا تؤمن بالمستحيل أبداً، وما «مسبار الأمل» إلا بداية التاريخ الذي سنفخر به وستفخر به أجيالنا.

 

 

Email