رأي

الميليشيات... إرهاب يتخطى الحدود

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أكثر التحديات التي تواجهها الدول العربية في الفترة الراهنة تفكيك الميليشيات التي أصبحت تمثل خطراً على المنطقة، فإيران وتركيا تعتمدان على مبدأ الحرب بالوكالة، ما يساعدهما على تجنب الصدام المباشر مع دول المنطقة بمحاولات إضعاف الحكومات المركزية في ليبيا واليمن والعراق وسوريا ولبنان بنشر الموت والدمار، بما يساهم في إضعاف قدرتها على السيطرة على الأوضاع في الداخل، فيما نجد أن الموقف الدولي عزز من سطوة وإرهاب الميليشيات، حيث كان متردداً وانتقائياً بتعامله مع كل حالة وفق أولويات المصلحة الخاصة دون المصلحة العامة.

إن أي تدخلات غير شرعية في المنطقة ستعمل على انتشار الميليشيات الإرهابية لتهديد الأمن الإقليمي، حيث تتبع أساليب الإرهاب والسطو والاغتيالات والتوسع، وهي أكثر خطورة وأطول أمداً من الحروب النظامية، لأنها تستنزف موارد الدول وتهدد استقرارها. كما أنها تهدِّد أيضاً وحدة هذه المجتمعات ومواردها الطبيعية، حيث تسعى إيران وتركيا إلى استثمار مربح يتبنى استراتيجية التعاقد على الصفقات والمقايضات وتقاسم الغنائم، وهذا ما يحدث حالياً في العراق وليبيا واليمن.

إيران ضغطت سیاسیاً في أروقة البرلمان العراقي لتأطير ما يسمى بالحشد الشعبي، وأُقر له قانون لیكون قوة فوقیة أو علوية على الأجھزة الأمنیة الموجودة، كما أنها تمول وتدعم ميليشيا الحوثي في اليمن، وتتحرك ضد أي مسعى للسلام يفقدها دورها هناك، فيما تحرص تركيا على دعم الميليشيات في ليبيا، ودعمهم بالمرتزقة بهدف السيطرة على ثروات النفط وتحقيق موقع في المتوسط. وللأسف بالرغم من علم كل الدول الكبرى بهذا المسار الخطير لهذه الميليشيات، إلا أنها بطيئة في التحرك، حيث تراقب الوضع عن بعد دون تدخل ملموس يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي، بل إنها حتى لا تساعد الحكومات المحلية في تضييق الخناق على هذه الميليشيات، ويربط البعض ذلك بلغة المصالح.

ولا غنى عن القول أن مستقبل هذه الميليشيات الآن مرهون بقوة الحكومات العربية وقدرتها على تحصين وحدة مجتمعاتها وترميم صدوعها، وقطع أي تمويلات ودعم مادي وعسكري للميليشيات، بما يضمن عزلتها داخلياً وخارجياً، في ظل عدم قدرة هذه الميليشيات نفسها على الاستمرار في مواجهة العقوبات المفروضة عليها، سواء من جانب بعض الدول الغربية، أو بعض الدول العربية. ولتسقط كل شعارات الميليشيات التي تتاجر بالدين، فالإسلام يدعو إلى البناء والسلام، وليس إلى الهدم والترهيب.

Email