الشهداء يعودون إلى الجزائر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوم تاريخي عاشته الجزائر أول من أمس باستعادة رفات الشهداء المقاومين من فرنسا بعد 170 عاماً، هو تاريخ مجيد مكتوب بدماء كل أسرة جزائرية قدمت بطلاً أو أبطالاً منذ بدء المقاومات الشعبية شهر يوليو 1830، ذهب الرجال بعد أن صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبقيت الجزائر أمانة للأبناء والأحفاد الذين ليس لهم من خيار آخر غير الحفاظ على هذا الوطن الذي قدم النفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر، ويجب استلهام العبر من الشهداء، فمهما تكن المصاعب التي يواجهها الجزائريون اليوم لا يمكن أن تبرر اليأس من الإصلاح.

وإن كان الوفاء للشهداء يقتضي الانتصار لذاكرتهم بالسعي إلى تجريم الاستعمار، إلا أن النصر الحقيقي لا يكون بانتزاع اعتراف بأن الاستعمار كان جريمة ضد الإنسانية، وإنما مطالبة فرنسا بالاعتذار واسترجاع أيضاً الأرشيف الجزائري من فرنسا.

فغياب الدقة في ملف الأرشيف والذاكرة ضيع على الجزائر فرصة تجريم الاستعمار والمطالبة بتعويضات، فقد حان الوقت لإعادة كتابة وضبط تاريخ الجزائر بلملمة الأرشيف المتواجد خارج الجزائر، ويجب أن تعمل الحكومة الجزائرية جاهدة بـ«ترقية التاريخ» وتبليغه إلى الأجيال الصاعدة، وتكثيف عمليات جمع وتسجيل الشهادات الحية من أجل تصنيفها واستغلالها.

القاعدة التي يجب أن تبنى عليها العلاقات الدولية هي قلب صفحة الماضي دون تمزيقها، فقد أكد التاريخ أنه ليس هناك صداقة أو عداوة دائمتان بين الشعوب، بل هناك مصالح متبادلة تخضع لسياق الأحداث. لذلك تتفادى جزائر «الصدام» مع فرنسا في ملف الذاكرة فقد حصرت الحكومة ملف «الذاكرة الوطنية» في جوانب «تقنية» تتعلق بصون الذاكرة دون الغوص في التفاصيل لا سيما أن باريس لمحت في أكثر من مناسبة بالاعتراف بالجرائم دون الاعتذار بعد اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مؤخراً «مسؤولية الدولة الفرنسية» في مقتل موريس أودان في 1957 والذي ناضل لأجل استقلال الجزائر.

Email