رحلة التحول إلى الهياكل التنظيمية الرشيقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك في أن لجائحة كورونا أثراً كبيراً في تغيير الممارسات المؤسسية والتنظيمية لدى الجهات الحكومية في الدولة، من حيث تطبيق العمل عن بعد والتوجه إلى النتائج بدلاً من التقيد بساعات عمل محددة وغيرها الكثير. والبعض يرى أن هذا التغيير إيجابي، إلا أن البعض الآخر لا يتناسب مع رغباته.

ولقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مفهوم الرشاقة المؤسسية وهو علم في الإدارة الحديثة، والذي يتطلب نقلة نوعية في التنظيم المؤسسي التقليدي للجهات الحكومية ليصبح مرناً ويتكيّف مع المتغيرات والأزمات التي تواجه البلاد واقتصاداتها. إذ إنه في الوضع التقليدي غالباً ما تتم مراجعة الهيكل التنظيمي فقط عند تحديث الاستراتيجية، في حين يتطلب التنظيم المرن تغييرات متسارعة في الهيكل التنظيمي وفقاً للمستجدات. وهنا تجدر الإشارة إلى أهم الفروق بين التنظيم الإداري المرن وبين التنظيم التقليدي الذي تقوم عليه معظم جهاتنا الحكومية.

أولاً: الثقة المؤسسية بين القيادة والموظفين، ويتجلى ذلك في تبني مبدأ المركزية واللامركزية في الأنشطة واتخاذ القرارات؛ إذ يتم تفويض الصلاحيات في التنظيم التقليدي فقط في حال غياب صاحب السلطة أو الصلاحية، في حين أنه في التنظيم المرن تكون الثقة المؤسسية في أعلى مستوياتها من خلال تطبيق مبدأ اللامركزية في توزيع الصلاحيات.

ثانياً: الأدوار والوظائف، ففي التنظيم التقليدي يكون لكل موظف مسمّى وظيفيّ في وحدة تنظيمية معينة وله وصف وظيفيّ لا يتخطى حدود المكتوب فيه.

ثالثاً: الوحدات التنظيمية وفرق العمل، في التنظيم التقليدي يكون الهيكل التنظيمي مبنياً على وحدات تنظيمية تمثل الأنشطة المؤسسية المحورية والمساندة، إلا أنه في التنظيم المرن يتم تشكيل الهيكل التنظيمي من فرق عمل تمثل أنشطة المؤسسة المختلفة. رابعاً: الثقافة المؤسسية، يتسم التنظيم الإداري المرن بوجود ثقافة مؤسسية منفتحة أساسها التعلم من الأخطاء والابتكار والتغيير، ويكون هامش الخطأ فيها أكبر من التنظيم التقليدي، ولكن الفشل يعد آمناً. أما في التنظيم التقليدي فإن أساس الثقافة المؤسسية الالتزام الشديد بالإجراءات والسياسات واللوائح. وهنا يجدر بنا السؤال، ما الآلية الأسرع والأنسب والأسلم للتحول إلى التنظيم المرن في جهاتنا الحكومية لمواكبة التطور؟

الإجابة عن هذا السؤال تتطلب تغييراً جذرياً في الهياكل التنظيمية وإدارة الموارد البشرية والأنظمة المؤسسية الحالية والذي قد يأخذ عدة سنوات من العمل الجاد لتحقيق ذلك.

وفي ما يلي بعض التوصيات للتحول التدريجي بهدف الوصول إلى التنظيم المرن بشكل كامل:

• تشكيل فريق متخصص على مستوى الحكومة يقود عملية التحول ويقدم الدعم اللازم للجهات الحكومية.

• القيام بأنشطة إدارة التغيير والارتقاء بالثقافة المؤسسية من خلال التوعية بأهمية المرونة المؤسسية.

• إعادة النظر بالتشريعات والقوانين والمنهجيات التي تحكم التنظيم المؤسسي في الجهات الحكومية.

إن نجاح أي تنظيم إداري جديد لأي جهة حكومية يرتبط ارتباطاً مباشراً بقيادتها وثقافتها المؤسسية، الأمر الذي ينعكس على نجاح أو فشل الممارسات الإدارية فيها.

* مستشار في مركز الإمارات للمعرفة الحكومية التابع لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

Email