أبطال يستحقون التقدير

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ بداية أزمة «كورونا» بدأ المجتمع بإظهار التقدير والاحترام لخط دفاعنا الأول من الأطباء والممرضين، الذين يحاربون المرض ويحاولون حماية الأرواح بكل ما أوتوا من قوة، وهم يستحقون ذلك ويستحقون المزيد أيضاً، باعتبارهم جنوداً للوطن يقفون في وجه عدو خفي يحصد الأرواح هنا وهناك.

الحقيقة أن أزمة «كورونا» جعلتنا نلتفت للعديد من فئات المجتمع العاملة لنظهر لهم التقدير الذي يستحقونه، وبهذا الصدد أردنا أن نلفت النظر لمجموعةٍ من الأبطال الذين يستحقون التقدير أيضاً، وعلى مجتمعاتنا أن تظهر لهم الاحترام والتقدير والعرفان لمجهوداتهم في مواجهة هذا الوباء أو حتى المساعدة في التخلص من آثاره.

هؤلاء الأبطال المجهولون الذين يقفون خلف الكواليس ويضعون حياتهم على المحك، يستحقون الشكر والتقدير كما يستحقه خط الدفاع الأول، فلولاهم لما استطاع خط الدفاع الأول أداء مهمته، فهناك دائماً من يقف في الخلف ليدعم من في الأمام، ولكن هؤلاء دورهم ومهمتهم لا تقل أهميةً عن دور الخط الأول في محاربة وباء «كورونا».

أول فئةٍ من هؤلاء الأبطال، هم عمَّال النظافة ممن يعملون جنباً إلى جنب مع أبطال الصحة، يزيلون الأوساخ ويتعاملون بشكل مباشرٍ مع أدواتٍ ربما تكون ملوثةً وتحمل الفيروس، هؤلاء أيضاً يحاربون المرض ولكن بصورةٍ أخرى، فهم يزيلون الفيروسات بأنفسهم ويضعونها بعيداً عن الأشخاص الموجودين في المنشأة الطبية لكي لا تنتقل لهم العدوى.

هؤلاء هم من يجعلون المنشأة نظيفةً ومعقمةً ومستعدةً لاستقبال المرضى بأبهى طلة وحلة، هؤلاء الأبطال يمارسون دورهم دون كللٍ أو ملل، وعلى الرغم من أنهم قريبون جداً من إصابتهم بالعدوى، إلا أنهم مخلصون في أداء واجباتهم، ولذا هم يستحقون التقدير أيضاً، ومن حقهم على المجتمع أن يظهر لهم الاحترام والتقدير الذي يتناسب مع خطورة المعركة التي يديرونها.

الفئة الثانية من أبطال «كوفيد ــ 19»، هم عمال البلديات ممن جابوا أرجاء الدولة ليعقموا كل شبرٍ منها، هؤلاء لم يتركوا أي مكان إلا ووضعوا بصمتهم فيه ليكون خالياً من المخاطر والأوبئة والفيروسات، هؤلاء أبطالٌ أنجزوا مهمتهم على أكمل وجه وجعلوا دولتنا آمنة للناس، ولم يتوانوا يوماً عن تقديم أفضل ما يمكنهم ليصل التعقيم لكل شبر في هذا الوطن، والوطن يقدر دورهم وعلى المجتمع أن يحترم جهودهم ويحترم عملهم البطولي في هذه المعركة الإنسانية.

أما الفئة الثالثة فهم أصحاب القبضة الحديدية ممن يحمون منشآتنا من العابثين والمخربين لا سمح الله، ولا أقصد هنا رجال الأمن من الأجهزة الشرطية أو الأمنية فهؤلاء أبطال عرفناهم دوماً وبطولاتهم مرفوعة فوق الرؤوس وليسوا بحاجة لثناء أو شكر من أحد، فبصمتهم واضحة وتقديرهم حاضر، إنما أقصد رجال الأمن من الشركات الخاصة وأقصد هنا Security Gard هؤلاء الذين نجهدهم ليلاً ونهاراً يحرسون منشآتنا الخالية، يقفون أمام مستشفياتنا ويسهلون مهام رجال الإسعاف والأطباء العاملين، فهم نقطة الوصل بين المنشأة المدنية والمنشأة الشرطية، هؤلاء ورغم خطورة وجودهم في بعض الأماكن إلا أنهم ملتزمون في أداء واجباتهم بكل إخلاص، وعلينا أن نحترمهم ونعتبرهم من أبطال هذه المعركة.

الفئة الرابعة من أبطال معركتنا ضد فيروس «كورونا» هم من يحافظون على استمرار المخزون الغذائي في دولتنا، هؤلاء ممن يعملون في الموانئ والمخازن والجمعيات وحتى السوبرماركت وأيضاً الصيدليات ومخازن المواد الطبية، هؤلاء من يحاولون أن يجعلوا رفوف محلاتنا ممتلئة لا ينقصها أي شيء، هم أبطال بجدارة، فلولاهم لخاف المجتمع وتزعزع الاستقرار المجتمعي.

ولما شعرنا بالأمن الغذائي، هؤلاء أبطال من أكبر كبير فيهم لأصغر صغير في هذه المنظومة المتكاملة، هؤلاء لم يجعلونا كباقي الدول التي تهافت الناس بجنون إلى المحلات ليجدوها فارغة، وإنما جعلونا نمارس حياتنا في هذه الأزمة بشكل طبيعي وانسيابي، هم أيضاً أبطالٌ يستحقون منا كل التقدير والعرفان على ما قدموه لنا من دعم في هذه المرحلة الصعبة.

في معركة كورونا يوجد أبطال خارقون للعادة، أبطال الإنسانية يحاربون من كل حدب وصوب ليجعلوا حياتنا أكثر سلاسة وسلامة، وكل شخص يرى في المجتمع بطلاً يستحق التقدير عليه أن يُظهر هذا التقدير، عليه أن يشكره بملء الفم، ويكتب عنهم ليظهر بطولاتهم ويقدرهم بقدر ما يستطيع.

كما أنه يجب علينا نحن أيضاً بذل جهودنا كل في مجال عمله حتى نخرج جميعاً من هذه الأزمة بخيرٍ إن شاء الله وبأقل الخسائر، فنحن أمام معركةٍ كبيرةٍ سنخرج منها منتصرين بتماسكنا وبوقوفنا جنب بعضنا البعض، وكلما تسلحنا بالمشاركة المجتمعية كلما سهلنا مهمتنا في القضاء على هذا الفيروس اللعين. ربما لم يتسع المقال لأن أشكر كل أبطال هذه المرحلة، وربما غفلت عن الكثيرين منهم، وأترك لكم هذه المهمة وأنقل الكرة إلى ملعبكم لتمارسوا دوركم في شكر وتقدير أبطال معركتنا.

* كاتب وإعلامي

 

Email