دروس «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن من أهم الدروس التي ينبغي استخلاصها من انتشار جائحة «كورونا» أن التعويل في أوقات الفتن والأوبئة لا يكون إلا على أهل الاختصاص، وأن العلم والصحة هما أساس سيرورة البشرية، فلم ينفع لا الجاه ولا السلاح ولا الثروات في مواجهة الجائحة التي أثبتت للعالم أن الإنسان، مهما بلغ من تطور ومن نفوذ، لا يستطيع أن يتحكّم في الطبيعة.

آمل أن يستفيد الجميع من هذه العلل التي كشف عنها الوباء المستجد، هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الاستعدادات والترتيبات للطوارئ، وكيفية مواجهة مخاطر الفيروسات، المقولة التي يرفعها بعض السياسيين في مجموعة من الدول «حان الوقت لترفع الدولة يدها عن التعليم والصحة»، أصبحت متجاوزة، فالأكيد أن الكل سيعيش ولادة سياسات جديدة ستصاحبها قرارات مفصلية، تهم بالخصوص كل ما يتعلق بالصحة والبحث العلمي.

دول العالم في هذه اللحظة المفصلية بحاجة إلى تجسيد الحكمة الخالدة التي تقول «الصديق وقت الضيق» وتكريس التضامن باعتبار أن الوباء لم يفرق بين الدول المتقدمة والفقيرة، وأثبت أن اليد الواحدة لا تصفق، فالجميع في موكب واحد يستدعي إدارة جيدة تجعل من التعاون المشترك حجر الزاوية التي يتأسس عليها، وأن تعمل على تحصين العنصر البشري والاستثمار فيه، باعتباره الرأسمال الحقيقي دون منازع، والابتعاد عن الضجيج والمؤامرات، وخلق الأمل بالعلم والثقة.

جائحة «كورونا» يجب أن تكون دافعاً لتعزيز دور الدولة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وبلا شك ستخضع دول بعد هدوء العاصفة لتحولات بخصوص كل ما يتعلق بالاهتمام بحياة البشر، فالعالم أكيد سيتبنى مواقف جديدة أكثر إنسانية، حيث إن الدروس المستقاة على صعيد إدارة الأزمات المماثلة هي الكنز الحقيقي الذي سيفيد البشرية كلها في المستقبل.

Email