أردوغان والتوظيف السياسي لـ«كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال الأزمات تتراجع «الأنانية السياسية» وتسود حالة من «السمو الوطني» تعلو فوق المصالح الشخصية، وخاصة عندما يكون هناك خط رفيع للغاية بين الحياة والموت، ولذلك شاهدنا حزب العمال البريطاني المعارض يتعاون مع الحزب الحاكم في كل الخطوات لمكافحة كورونا، وأجلت الأحزاب في غالبية دول العالم خلافاتها السياسية لتواجه بيد واحدة هذا الخطر المحدق.

ولكن في تركيا المشهد مختلف تماماً، فالرئيس التركي وحزبه المسمى العدالة والتنمية يتخذ من وباء كورونا فرصة لتشويه المعارضين، ويستغل انشغال العالم بالوباء في الانتقام من المنافسين السياسيين، كما يرسل السلاح والإرهابيين والمرتزقة إلى غربي ليبيا رغم التقارير التي أشارت لتفشي كورونا بين الجنود الأتراك خارج الحدود التركية، فكيف للتوظيف السياسي لكورونا أن يرتد سلباً على أردوغان؟

عسكرة في الظلام

كشفت البحرية اليونانية خلال الأيام الماضية بالتعاون مع القوة البحرية الأوروبية «إيريني» عن استمرار أردوغان في إرسال المرتزقة السوريين إلى مدن مصراتة وطرابلس غربي ليبيا، وأن أنقرة استغلت انشغال العالم بوباء كورونا في مارس الماضي لترسل أكبر كمية من العتاد العسكري والطائرات المسيرة من شمالي قبرص الذي تحتله تركيا إلى ليبيا، وجرى خلال الشهر الماضي فقط تركيب ثلاث منظومات دفاع جوية تركية قرب مطارات طرابلس ومعيتيقة، وأن البحرية اليونانية بالتعاون مع الأساطيل الأوروبية أوقفت 3 سفن تركية خلال مارس فقط، هذا السلاح والمرتزقة الجدد شجعوا حكومة السراج على إطلاق عمليات عسكرية في اتجاهات مختلفة ضد الجيش الوطني الليبي، آخرها في محاور مدن ترهونة وصرمان، ففي الوقت الذي سكتت المدافع في غالبية النزاعات الإقليمية والدولية يصر أردوغان على استغلال الوباء لتحقيق مكاسب سياسية، ولكن عودة نعوش الجنود الأتراك من ليبيا أصبحت حديث الشعب التركي، وهو ما دفع حزب أردوغان إلى إصدار تشريع يعاقب أي صحفي يتحدث عن خسائر الجيش في ليبيا أو إدلب، وبموجب هذا القانون تم القبض على الإعلامي البارز بشبكة فوكس «فاتح برتقال».

كابوس أردوغان

منذ نجاح المعارضة التركية في الانتخابات البلدية العام الماضي يسعى أردوغان بكل ما يملك من أجل تشويه صورة حكام البلديات من المعارضة، وخاصة أكمل إمام أوغلو عمدة إسطنبول، ففي الوقت الذي رفض أردوغان اقتراح أكمل إمام أوغلو تحويل المطارات لمناطق للعزل الصحي في 27 مارس الماضي، عاد أردوغان وقدم نفس الاقتراح ولكن باسم حزبه، ما أثار سخرية الشعب التركي، كما أعلن أردوغان أن مواجهة كورونا تأتي ضمن «الالتزامات الوطنية» وهو مصطلح تم استخدامه أيام أتاتورك ويتيح لأردوغان السيطرة على الأصول والأملاك الخاصة، وهو ما وصفه البعض بقانون «اللصوصية الجديد».

كل هذا أدى لتراجع شعبية أردوغان وحصول أكرم إمام أوغلو زعيم المعرضة على 55% مقابل 33% لأردوغان في آخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة ميتروبولي.

Email