في الإمارات.. القيادة بالقدوة

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال أيام أزمة فيروس «كورونا»، التي بدأت منذ شهر فبراير الماضي، قدمت دولة الإمارات العديد من الأفكار والطرق غير التقليدية في إدارة هذه الأزمة. وفعلت الكثير من الأشياء التي توصف بأنها «عظيمة»، لأنها حققت من النتائج الإيجابية في مواجهة أخطر أزمة تمر على العالم ما لم يتم تحقيقه حتى في أعرق البلدان، التي كان أغلب الدارسين يستقون منها فنون علم إدارة الأزمات، أبرز تلك الأشياء حين تفاعل الشعب الإماراتي بعفوية مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بشأن الحد من انتشار الفيروس.

وقد لاقت طريقة إدارة الإمارات للأزمة في كل مراحلها إعجاباً وترحيباً بطريقة توحي أنها تابعها أغلب الرأي العام في العالم، وذلك من خلال مقاطع الفيديو المنتشرة ورسائل الشكر التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي إعجاباً بما تفعله قيادة دولة الإمارات، وهو ما يؤهل دولتنا لأن تضع الإمارات مبدأ أو فناً جديداً في علم الإدارة لم يكن معتمداً أو متداولاً في برامج التدريب والتأهيل الأكاديمي، على الأقل أن هذا المبدأ أصبح مجرباً وخضع للاختبار، ورجحت الكفة الإماراتية التي استخدمته منذ تأسيسها.

أوشك الرأي العام في كل دول العالم أن يقتنعوا أنه لا توجد وسيلة أخرى في التأثير على الناس كي يبقوا في بيوتهم غير الطريقتين اللتين كانت الأوضح ويتم تناقلهما هما: دول استخدمت الأساليب التقليدية (الضرب) لإجبار مواطنيها للبقاء والجلوس في البيوت، قد تكون الوسيلة الأكثر تأثيراً وفق الثقافة المجتمعية فيها. والطريقة الأخرى استخدمت فيها المؤسسات الأمنية باعتبارها إجراءات قانونية حتى في تلك الدول التي عرفت بالنظام واتباع الإجراءات الحضارية مثل الولايات المتحدة استعانت بالقوات المسلحة لمراقبة تطبيق الإجراءات الاحترازية.

دولة الإمارات كان لها أسلوبها ونهجها الخاص المتمثل في القيادة بالقدوة الذي توارثته قيادتها من الآباء المؤسسين وهي الإدارة بالقدوة أو التعليم بالقدوة، يبتدئون بأنفسهم في تطبيق ما يريدون من شعبهم فعله، وإذا كان التاريخ البعيد يحفظ لنا ما كان يفعله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من أعمال كي يقتدي به شعبه خاصة في العمل فإن التاريخ القريب لا يزال يذكّرنا بمشاركة أبناء قيادتنا في مهمات عسكرية خارج الدولة.

ورث الناس العديد من أنماط القيادة ويتفق الجميع على دورها المحوري في الارتقاء بالأوطان والقدرة على التأثير لصالح شعوبها، وعلى هذا المنوال نجد التركيز على أمثلة معينة وخصائص لقيادات وزعامات استطاعت أن تغيّر الكثير من السلوكيات سواء لدى شعوبها أو شعوب الدول الأخرى، وفي دولة الإمارات فإن أحد أسرار ازدهار وتحقيق المؤشرات التنموية العالية حتى في الظروف غير الطبيعية يكمن في القيادة وإيمان شعبها بما تفعله قيادتها لها، وها هي اليوم تلهم العالم بكيفية إدارة الأزمات.

في الأزمة الأخيرة وجدنا أن كل ما كان معروفاً عن «فن إدارة الأزمات» لم يكن كافياً وكان أبرز ما ينقص الشعوب قيادة تؤثر فيهم وتقنعهم بطريقة عملية من خلال الاقتداء بها، ما زالت صورة لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وطريقة السلام من بعيد بدل تلك الطريقة التقليدية حاضرة في أذهان الناس في دولة الإمارات، وكذلك وقوف الشيخ محمد بن زايد بسيارته ليتم إجراء فحصه كأي مواطن عادي، هذه السلوكيات أكثر تعبيراً وتأثيراً على الشعوب من تلك التوجيهات النظرية.

لم يعتد الكثيرون على مثل هذه الطريقة من التعليم والتدريب والقيادة، ولكن الرأي العام العالمي اليوم ينظر بإعجاب إلى «النسخة الإماراتية» إنها: القيادة بالقدوة.

 

 

Email