القانون للجميع

هل يستطيع المحامي تبرئة المجرم؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك مفهوم شائع بين الناس أن المحامي (الذي اصطلح على تسميته بالشاطر) هو الذي يستطيع إخراج موكله من القضية مثل (الشعرة من العجين) مهما كان موقف موكله، أي بسهولة ويسر وبدون أي شائبة تعلق به.

فلنناقش هذا المفهوم لنرى مدى صحة تلك المقولة الشائعة من حيث الواقع.

في البدء، لا بد من الوقوف على ماهية المحاماة، فقد عرف القانون المحاماة بأنها مهنة حرة تؤدي خدمة عامة ينظمها قانون المحاماة، وتشارك السلطة القضائية في تحقيق رسالة العدالة وتأكيد سيادة القانون وكفالة حق الدفاع عن الحقوق والحريات، ولهذا فإن البعض يطلق على المحامين مسمى القضاء الواقف.

وإعلاءً لمهنة المحاماة وشأن المشتغلين بها، فقد نص قانون المحاماة على أنه لا يجوز للمحامي الاشتغال بأي عمل لا يتفق وكرامة المحاماة أو تقاليدها ويتوجب على المحامي أن يلتزم في عمله الشرف والأمانة وأن يتقيد بما تفرضه عليه آداب المهنة، كما أن عليه أن يسلك تجاه القضاة سلوكاً يتفق وكرامة القضاء وأن يتجنب كل ما من شأنه تعطيل الفصل في الدعاوى أو الإخلال بسير العدالة.

ومن جماع كل تلك المفاهيم الراقية، فإن المحامي هو شخص دارس للقانون، متبحر في علومهِ، ملم بالمبادئ القانونية المفسرة لنصوصهِ ومتسلح بالعلم والمعرفة والخبرة والتخصص.

بتمثل دوره في شرح موقف موكله من ناحية قانونية، فيقوم بسبر غور النزاع وتقديم الدلائل والأسانيد والبينات القانونية المثبتة لحق موكله أو خط دفاعه سواءً كانت تلك الدلائل بينات مستندية أو شهادة شهود أو قرائن.

وحيث إن للخصم أيضاً ذات الحق بتقديم ما يساند صحة موقفه، فإن الأمر من بعد عرض وجهة نظر الطرفين وأسانيدهما، يرجع للمحكمة التي تقوم بعملية تقييم للوقائع ثم تنظر في نصوص القانون الحاكمة لتلك الوقائع ومن ثم تدلف إلى تفنيد أسانيد كل طرف لتقف على مقدرتِها على إثبات الحق وفقاً لما نص عليه القانون.

وعلى ضوء كل ذلك تكوّن المحكمة عقيدتها ويصدر القاضي حكمه مسنوداً بالقانون والبينة المقدمة.

فإن رأى أي طرف عدم صحة ذلك الحكم فإن القانون كفل له الطعن على الحكم أمام المحاكم الأعلى درجة إن كان نصاب الدعوى يسمح بذلك، وذلك تحقيقاً لأعلى درجات العدالة.

وعليه فإن المحامي مثله مثل الطبيب، فبعد أن يعرض عليه موكله تفاصيل مشكلته، يشرع بأعمال مبضعه لعمل تقييم قانوني لموقف موكله ويسدي له النصح والإرشاد، ويصف له الطريقة التي كفلها القانون لمعالجة مشكلته، ويتولى تمثيله أمام الجهات العدلية ملتزماً ببذل الجهد والعناية اللازمين دون الالتزام بتحقيق نتيجة، ويجتهد لصون حقوق موكله لا سيما وأن القانون قد كفل لكلا طرفي الدعوى محاكمة عادلة ومنصفة.

ويعمل المحامي على مساعدة المحكمة في الوصول للحقيقة والعدالة بسهولة ويسر، حيث يعرض موقف موكله بطريقة قانونية وبصورة مهنية راقية ومرتبة مشفوعة بكل ما يعضدها من أسانيد وفقاً إلى طرق الإثبات المقبولة قانوناً، وذلك من غير نقص مذموم أو تزيد غير محمود.

Email