تحية لجنود الخطوط الأمامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مواجهة الأخطار المجتمعية هي ليست مسؤولية الدولة فقط، بل مسؤولية مجتمعية تخص الجميع. وفي خضم مواجهة الوباء الذي حط رحاله على العالم بأسره اتخذت اللجنة الوطنية للطوارئ والأزمات أقصى استعداداتها لمواجهة انعكاسات الوباء وبكامل جهوزيتها. فلم يقتصر عملها على تقديم الدعم الطبي للمستشفيات والطواقم الطبية، بل وتعداه إلى تقديم الدعم النفسي لجميع القاطنين في الإمارات في صورة توعية وإيضاح طبي ودعم نفسي.

الجميع أثبت جهوزيته القصوى في هذه المعركة، وبدأ متأهباً لمواجهة الوباء من لجان طبية وطواقم صحية ورجال أعمال قدموا ما يقدرون عليه من دعم سخي كبادرة على التكاتف معاً لمواجهة خطر القرن الحادي والعشرين. وفي الوقت نفسه قام الجنود المجهولون كلٌ في مجال عمله لتوفير الدعم اللوجستي للمجتمع بأكمله في مواجهة وباء القرن.

الجنود المجهولون فئات عدة: ففي الخطوط الأمامية يقف الأطباء والطواقم الصحية والمسعفون والإداريون في المستشفيات، والذين يواجهون الوباء بإيمان كبير وحرفية عالية وقادرة على إزاحة أي خطر بتكاتف الجميع.

فهم خط الدفاع الأمامي في مواجهة الخطر وجهودهم مقدرة من قبل الجميع. رجال الأمن الذين تقع على كاهلهم مسؤوليات جمّة في أوقات الفرح والسعادة وفي أوقات الشدة والضيق، هم فئة الجنود المجهولين خلال هذه الفترة.

فعليهم تقع ليس فقط مسؤولية إحلال الأمن والنظام، بل ومسؤولية التصدي لمن يخل بالأمن ويحاول نشر الذعر بين الناس سواء عن طريق نشر الإشاعات أو الإساءة للمجتمع خلال هذه الظروف الصعبة.

إلى جانب هؤلاء، فهناك العاملون في الجمعيات وأماكن التبضع، والذين يبذلون أقصى جهدهم لتلبية الطلب الكثيف على الطعام والمستلزمات الأخرى.

فزيارة إلى أماكن التبضع توضح لنا الجهد المبذول من قبل هذه الفئة لتوفير كل المستلزمات والخدمات وفي أقصى سرعة رغم الزخم الكبير الملقى على عاتقهم.. فلا نجد في الجمعيات أو البقالات أو منافذ البيع الرئيسية قصوراً في الطعام أو أي من الأساسيات الأخرى.

فرفوف الجمعيات والسوبرماركت تزخر بكل المواد التي نحتاجها، ولا حاجة أبداً للتبضع العشوائي أو الخوف من نفاد كمية الطعام المخزنة لدينا.

الجنود المجهولون لا يقتصرون على هذه الفئة فقط.

فالإعلاميون الذين يواصل البعض منهم الليل بالنهار لينقل لنا بالصوت والصورة والكلمة المطبوعة آخر المستجدات في هذا المجال لابد من الإشادة بجهودهم.

فهذه الفئة أخذت على عاتقها عبئاً كبيراً ألا وهو نقل آخر المستجدات في الميدان وبحرفية كبيرة وبصورة صادقة ومتوازنة وقادرة على بث روح الاطمئنان بين الناس وتوعيتهم. بالإضافة إلى الإعلاميين، فهناك فئات مجتمعية أخرى لها دور مهم خلال هذه الأزمة.

فعمال النظافة والإنشاءات، الذين استمروا في أعمالهم بينما نلزم نحن منازلنا، يستحقون منا وقفة إجلال. فهذه الفئة استمرت في عملها المهم في تقديم خدماتها لنا رغم كل الظروف وتحت أسوأ الاحتمالات. فتحية لهذه الفئة التي تخدم الناس ولا تفكر في هجر مهنتها تحت أي ضغط أو خوف من أي طارئ.

فئات عدة لم نذكرها ولكن ظهر دورها المحوري خلال هذه الفترة الحرجة، ولابد من الإشادة بدورها ودعم الجهود التي تقوم بها. فنحن نعيش في ظروف استثنائية وصعبة ولابد من التكاتف معاً لكي نجتاز هذه المرحلة بكل اقتدار.

فكما صرّح المسؤولون فهي مرحلة صعبة ليست فقط في تاريخنا، ولكن في تاريخ البشرية جمعاء. وفي الأوقات الصعبة لابد من تكاتف الجهود لكي نخرج من هذه الأزمة أقوى وأشد عوداً.

إنّ هذه المرحلة لابد وأن تنجلي قريباً وتعود الأمور إلى سابق وضعها.

ولا شك بأننا سوف نخرج من هذه التجربة أقوى وأكثر إيماناً بقدرتنا وقدرة قيادتنا الرشيدة على السير بمركبنا في السراء والضراء. إننا نتعلّم من كل تجربة تمر بنا، ونتعرّف بها إلى نقاط ضعفنا ونقاط قوتنا.

ومما لا شك فيه أن هذه التجربة كشفت لنا مقدار الحب الذي تكنّه القيادة لشعبها وتلك الروح العالية والإنسانية التي تتمتع بها قيادتنا، كما كشفت لنا عمق استعدادها لمواجهة كافة الظروف والأزمات.

فنحن محظوظون كوننا نعيش في مجتمع يحترم الإنسان ويحترم أبسط حقوقه الإنسانية. كما كشفت لنا عن عمق الوعي والمسؤولية التي يجب أن يتحلى بها الجميع حتى نكون قادرين على اجتياز الأزمات والعودة إلى حياتنا الطبيعية.

Email