«كورونا» يمهّد لنظام عالمي جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أدرك الطليان من البداية خطورة فيروس«كورونا» المستجد «كوفيد 19» لما استهانوا بوحشيته ولما فتك بضحاياه.

أما رئيس وزرائهم، فلو أنه لم يقل لهم «فقدنا السيطرة كلياً والوباء يفتك بنا. انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء» لما فقدوا الأمل بالنجاة.

وإلى أن تنتهي المعركة بين أمريكا والصين لا أحد يدري كم سيبلغ عدد ضحايا إيطاليا، وكم إنساناً على هذا الكوكب سيكون قد فارق الحياة. ومتى سيفتح مليار إنسان أبواب بيوتهم التي أغلقوها عليهم خوفاً من «كورونا».

لكن لماذا إيطاليا وهي بعيدة عن مصدر انتشار الفيروس في ووهان بالصين؟

رجح محللون عدة أسباب منها: أن إيطاليا ظلت في حالة إنكار لوجود المرض، ولم تتحرك بالسرعة الكافية لاتخاذ تدابير الفصل الاجتماعي والحظر، حيث ذكرت تقارير أن أجهزة المخابرات حذّرت السلطات من الوباء المحتمل لكنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة. كما تخلف الإيطاليون في إجراء فحص واختبار الفيروس التاجي على نطاق واسع، على الرغم من أنه أثبت فعاليته في مكافحة الانتشار.

تقرير نشرته شبكة «فوكس نيوز» عزا انتشار المرض إلى الترابط العائلي والثقافة التي تحدد طريقة الحياة الإيطالية، وقال إن وجود أسر متعددة الأجيال لا تزال تعيش تحت سقف وتحيي المناسبات بشكل عائلي، قد يكون من الأسباب التي أدت إلى تفاقم تفشي الفيروس.

تقارير أخرى تقول إن من المحتمل أن يكون الفيروس قد انتشر من خلال أفراد شباب أصحاء لم تظهر عليهم أي أعراض أو ظهرت أعراض خفيفة جداً، ونقلوه لكبار السن.

وجمع تقرير لمجلة «ديموغرافيك ساينس» المعنية بدراسات السكان بين هاتين النقطتين، وقال إن مشكلة إيطاليا مزدوجة؛ فمن جهة تعدّ الدولة الثانية من حيث نسبة السكان الكبار في السن، ومن جهة أخرى فإن الشباب فيها يختلطون دوماً بأقاربهم الأكبر سناً، مثل أجدادهم.

الأهم ما ذكره خبير صحي من أنه مع بداية انتشار المرض في إيطاليا، كان الخطأ الأول الذي اقترفته الحكومة الإيطالية أنها لم تمنع الرحلات المباشرة من الصين باتجاه إيطاليا، ومكّن ذلك دخول العديد من المسافرين المصابين العائدين من الصين إليها أو المارين بها عن طريق رحلات «الترانزيت» ونشر العدوى، دون التمكن من مراقبتها أو تتبعها وحصرها.

فهل لهذا السبب سارعت الصين، بعد أن تمكنت من السيطرة على الفيروس، إلى إرسال طائرة إغاثة تحمل فرقاً ومعدات طبية إلى إيطاليا؟ أم أن خطوتها تلك تأتي في إطار منافستها الولايات المتحدة على زعامة العالم؟

البعض يرى أن الفيروس التاجي المستجد «كوفيد 19» سياسي أكثر منه طبيعي. ويشير هؤلاء إلى أنه منذ البداية وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كورونا بـ«الفيروس الصيني»، مكرراً الوصف نفسه ثلاث مرات خلال ساعة واحدة.

وقال في سلسلة تغريدات: «لأولئك الأشخاص الذين هم الآن عاطلون عن العمل بسبب سياسات الاحتواء المهمة والضرورية، نتيجة إغلاق الفنادق والحانات والمطاعم، على سبيل المثال، سنرسل لكم الأموال قريبا. فهجوم الفيروس الصيني ليس بخطئكم. سنكون أقوى من أي وقت مضى». وأضاف: «سأعقد مؤتمراً صحافياً اليوم لبحث الأنباء المهمة جداً من إدارة الأغذية والأدوية بشأن الفيروس الصيني».

بكين أزعجتها اتهامات ترامب وردت عبر تغريدة للمتحدث باسم الخارجية تشاو لي جيان قال فيها إن «الإصابة الأولى» بفيروس كورونا الذي باتت منظمة الصحة العالمية تعتبره جائحة، أتت من الولايات المتحدة وليس من مدينة ووهان الصينية.

وكتب أنّ «الجيش الأمريكي ربما جلب كورونا إلى مدينة ووهان. كونوا شفافين وانشروا ما لديكم من معلومات. الولايات المتحدة تدين لنا بتفسير». في إشارة إلى مشاركة فريق أمريكي في دورة الألعاب العالمية الرياضية العسكرية السابعة التي أقيمت في المدينة في أكتوبر الماضي.

يقول الكاتبان الأمريكيان كورت م. كامبل وروش دوشي في «فورين أفيرز»: إن الصين تناور حالياً لتحظى بقيادة العالم في الوقت الذي تفشل فيه الولايات المتحدة مع تحوّل وباء كورونا إلى حدث عالمي.

وأضافا أنه من الواضح الآن أن واشنطن فشلت في استجابتها الأولية للوباء، فالمؤسسات الأمريكية الرئيسية من البيت الأبيض ووزارة الخارجية إلى وزارة الأمن الداخلي ومراكز السيطرة والوقاية من الأمراض قد هددت ثقة الناس بقدرة وكفاءة الحكم الأمريكي.

والسؤال الآن: هل نحن حالياً أمام نظام عالمي جديد تقوده الصين؟

* كاتب أردني

 

Email