رأي

اختبار للضمير الإنساني

ت + ت - الحجم الطبيعي

وحد وباء كورونا الجميع ووضع العالم أمام حقيقة خطر وجودي على بقاء الإنسان، فالعالم أجمع يتحرك الآن من أجل حماية أراضيه والحد من انتشار ومواجهة «كورونا»، لاسيما أن الوباء لا حدود له، لكن الوضع الحالي يتطلب تعاضد وتعاون العالم لأن التهديد في منطقة واحدة يمكن أن يتحول بسرعة إلى تهديد للجميع، كما أن الفيروس يختبر مدى انسجام البشرية وتآزرها في وقت المحنة، بهدف مواجهة التهديدات ودحر الخطر. ما قد يساهم في إعادة حساباته مع العولمة لمواجهة الأوبئة؟

الصين قدمت لحد الآن صورة قوية على مكانتها العالمية، من خلال تطويق الوباء، كما أن أوروبا البؤرة الثانية للوباء لها من الموارد والتكنولوجيا ما يساعدها على تجاوز تداعياته من خلال التغطية الصحية المتقدمة، لكن الدول الفقيرة التي تعاني من هشاشة الوضع الصحي ستجد نفسها تصدر «كورونا» دون أن تقصد لاسيما وأنها لم تتخذ الإجراءات الكفيلة لتطويق الوباء.

«كورونا» جاء ليذكرنا بقيمة العدل والمساواة بغض النظر عن جنسنا أو عرقنا، أو لغتنا، أو ديننا، وجاء ليختبر الدول الكبرى في مدى قدرتها على مساعدة الآخرين لما يواجهون من الفجوة المتزايدة بين الاحتياجات الإنسانية والموارد المتاحة، فالواقع، أن التحديات الناجمة من قطاع الصحة تمثل تهديدات غير تقليدية وكبيرة لأمن الدول الفقيرة، لأنها تحصد أرواح أفراد نتيجة انعدام التغطية الصحية، ولا يجب أن نتوهم بأن البلدان الفقيرة ستكون قادرة على الوقوف في وجه الوباء بمفردها، بل إنها ستزيد من انتشار الوباء عالمياً في ظل غياب رؤية استراتيجية عالمية موحدة.

فكلّ ما تعاني منه الدول الفقيرة في أفريقيا على وجه الخصوصو ليس معاناة صحية فحسب بقدر ما تعانيه من عدم وجود رصد دوري للأمراض حتى تتم المكافحة والاستئصال، لكن الشيء الإيجابي من تكاثر الأوبئة من ايبولا والكوليرا في القارة السمراء أنها أعطت لسكانها مناعة قوية ضد كورونا، حيث لم تسجل لحد الآن حالات كبيرة تثير الهلع.

Email