الطائرات بدون طيار لحماية موارد الطاقة ومنشآتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

في دولة الإمارات، أضحى استكشاف الآفاق الجديدة وريادتها أمراً معتاداً للغاية، إلا أن تشغيل أول مفاعل نووي في العالم العربي قريباً في أبوظبي، واكتشاف الاحتياطي الجديد الضخم من الغاز الطبيعي مؤخراً في جبل علي، قد تكون أموراً استثنائية يندر تكرارها على المدى القريب.

ويبدو أن قطاع الطاقة في دولة الإمارات يشهد أوقاتاً متميزة، مع حصول المحطة الأولى في مشروع «براكة للطاقة النووية» على الضوء الأخضر من الاتحاد الدولي للمشغلين النوويين، بالإضافة إلى الإعلان عن اكتشاف 80 تريليون قدم مكعبة من احتياطات الغاز الطبيعي في منطقة جبل علي بدبي. وإلى جانب التقديرات التي تشير لمساهمة دولة الإمارات بإنشاء نسبة تبلغ 17% من إجمالي خطوط أنابيب النفط العالمية بحلول عام 2023، قد يكون من الإنصاف القول بأن البنية التحتية لدولة الإمارات ضخمة، ومتنامية، وتحظى بمساهمة حيوية في تحقيق التنوع الاقتصادي للبلاد وازدهارها المستقبلي. ولذا، يصبح الحفاظ على هذه البنية التحتية الهامة وحمايتها أمراً جوهرياً. ولدعم تطور قطاعات الطاقة، وتحركها بالاتجاه الصحيح، وترسيخ دعائم آفاقها المفتوحة، ومجالاتها الجديدة، تتطلب البنية التحتية الأساسية لمشاريع الطاقة ومنشآتها حماية دائمة، ومراقبة صارمة.

ولا تقتصر الحاجة في ذلك على حماية المشروعات الضخمة التي نراها تزدهر على أرض الإمارات، في مواجهة الأوضاع الجيوسياسية المعقدة للمنطقة، والتي يصعب التنبؤ بها، وتتزايد تحدياتها يوماً بعد يوم؛ بل تتطلب تلك المشاريع أيضاً استخدام أكثر الأساليب تطوراً وملاءمة، وفاعلية من حيث التكلفة، لرصد سلامة عملياتها التشغيلية والمحافظة عليها.

ومن جديد، نجد أنفسنا أمام أنظمة الطائرات بدون طيار والتي تسهم الآن في تحويل عمليات قطاع الطاقة ومرافقه، بعيداً عن جبهات الحرب الحديثة وساحاتها. وكمثال بسيط عن ذلك، تواجه فرق الصيانة البشرية المتخصصة مجموعة من المخاطر، أثناء معاينة وصيانة مشاريع الطاقة، ومنشآتها، وشبكات الكهرباء الواسعة.

وتتنوع تلك المخاطر بين تشذيب الأشجار القريبة من محطات الجهد الكهربائي العالي، وحتى تسلق الأبراج الكهربائية وتقييم الأضرار في أعقاب الكوارث الطبيعية. وفي هذا السياق، تؤمن الطائرات بدون طيار سلامة الطواقم البشرية العاملة، بالاعتماد على قدرات التوجيه عن بعد، والتحكم الذاتي المستقل. وفي قطاع الغاز الذي يحظى بأهميته في دولة الإمارات، يمكن للطائرات بدون طيار أن تحدد مواقع التسرب في خطوط الغاز، كما يمكنها فحص شبكات أنابيب المياه تحت سطح الأرض، واكتشاف نقاط انقطاع التيار على خطوط الطاقة الكهربائية، بدقة متناهية، مع أداء تلك المهام بسرعة قياسية تتجاوز قدرات الطواقم العاملة التقليدية إلى حدّ كبير.

وعند التطرق إلى كفاءة المشاريع وجدواها، فليس من المبالغة الإشارة إلى الأثر الإيجابي الذي يحدثه أسطول سريع من المركبات الجوية بدون طيار على صافي أرباح الشركات. وإلى جانب الحفاظ على سلامة طواقم العمل، تحقق طائرات «درون» وفراً كبيراً في التكاليف، ففي الوقت الذي تعتبر كلفة جولة التفتيش على خطوط الشبكة باستخدام الطائرة الاعتيادية المأهولة في الساعة كلفة عالية، فإن الطائرات بدون طيار تؤدي المهمة ذاتها وبدون الأخطاء البشرية وبتكلفة تبلغ 8٪ في الساعة مقارنة بتكلفة الطائرات الاعتيادية، هذا إلى جانب قدرتها المتميزة على معالجة بيانات تزيد عن البيانات التي تجمعها الطواقم البشرية خلال عملياتها.

ويشير التقرير العالمي الصادر مؤخراً عن مؤسسة «برايس ووترهاوس كوبرز» للأبحاث عن عام 2019، أن استخدام الطائرات بدون طيار في قطاع الطاقة ينمو بسرعة فائقة، على الرغم من كونه ما يزال في مراحله الأولى. ويقدر التقرير قيمة سوق الحلول التي تقدمها طائرات «درون» في قطاع الطاقة والمرافق العامة بما يقارب 34.8 مليار درهم (9.46 مليارات دولار أمريكي).

وإذا أخذنا بالحسبان حجم خطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي الممتدة عبر دولة الإمارات، والمصافي ومنشآت الغاز الطبيعي المسال، يمكن أن يؤدي اعتماد تقنيات الطائرات بدون طيار في قطاع المرافق والمنشآت العامة إلى توفير مليارات الدراهم التي تُنفق لتلافي أعطال الشبكات وتشخيصها، وتحديدها، والحدّ من كلفة إصلاحها في المستقبل. ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة «درون داتابوك» في عام 2019، تمتلك 95 دولة على الأقل الآن برامج عسكرية للطائرات بدون طيار، بزيادة نسبتها 58% عن عام 2010. وتشير الدراسة إلى احتمال وجود 21 ألف طائرة «درون» عسكرية عاملة الآن حول العالم. لذا، تبدو حاجة الجيوش واضحة إلى التفوق على غيرها في قدرات الطائرات العسكرية بدون طيار.

ومع أن طائرات «درون» أصبحت الآن ترسم ملامح مستقبلنا بطرق متنوعة ومفيدة، إلا أن الإمكانيات التكنولوجية الكامنة فيها ما تزال بحاجة إلى مزيد من الاستكشاف والتكامل.


*رئيس قطاع المنصّات والأنظمة في مجموعة «إيدج»

Email