الأخطر من كورونا

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد أو ما أصبح يُعرف بـ Covid-19 وهناك حالة غريبة من الخوف غير المبرر، وكأن هذا الفيروس هو الموت القادم من الشرق، أو أنه المرض الوحيد الذي تفشى في العالم، وعلى الرغم من أن حجم انتشاره مازال محدوداً مقارنة بما واجهه العالم مع فيروس «انفلونزا الخنازير».

حيث تشير التقارير أن ما يقارب 284.500 شخص ماتوا جراء إصابتهم بفيروس إنفلونزا الخنازير حتى عام 2012، وأصاب أكثر من 60 مليون شخص حول العالم، وهذا إن دل فيدل أنه حتى الآن هناك جهود عالمية لمكافحة الفيروس والحد من انتشاره، وأن العالم تعلم من تجاربه.

ما زاد الطين بلة هو انتشار الشائعات حول كورونا الجديد، وانتشار فيديوهات ومعلومات مغلوطة حول هذا الأمر ما جعل الناس في حالة رعب كبير، والبعض بالغ كثيراً في التجاوب مع الأخبار حول كورونا فلم يسمح لأبنائه من الذهاب إلى المدارس، والبعض التزم البيت خوفاً من خطر انتشار الفيروس، في حين أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات أكدت في العديد من المناسبات أن الوضع الصحي في الدولة مطمئن ولا داعي للخوف.

كورونا الجديد هو اختبار حقيقي للعالم، وللأنظمة الصحية المستخدمة داخل الدول، وهو اختبار حقيقي لقوة الصين في تخطي مثل هذا التهديد، ونحمد الله أن الصين لديها قواعد وانضباط عالٍ في التعامل مع هذه الأمور، ولديها نظام صحي قوي، فلو أن الفيروس تفشى في دولة لا تمتلك القوة في التعامل، وليس لديها نظام وقائي قوي لشاهدنا انتشاراً كبيراً للفيروس حول العالم.

وكنا قد شاهدنا مئات الآلاف من الموتى خلال وقت قصير، ولكن الصين تمتلك القوة لتواجه هذا الخطر، ولديها القوى البشرية لمواجهة الفيروس، فدولة تقوم ببناء مستشفى متكامل في سبعة أيام، ولديها السلطة القوية لإغلاق مدن وشوارع وسكك حديد، ستتمكن من القضاء على الفيروس، وهذا الأمر مسألة وقت لا أكثر.

ما يجعلني متفائلاً بانتهاء الأمر سريعاً هو سرعة التجاوب العالمي مع الأمر، فتجربة العالم مع إنفلونزا الخنازير كانت أسوأ، فبعد أن مضى على تفشي الفيروس في المكسيك وأمريكا أكثر من ثلاثة أشهر، قامت السلطات المكسيكية بإبلاغ منظمة الصحة العالمية بعد أن كان الفيروس قد انتقل للكثير من الدول دون وجود إجراءات لمنع انتشاره.

ولكن مع كورونا المستجد فالأمر لم يستغرق أكثر من أسبوع إلى أن تم التعامل مع هذا الأمر، وقد قامت الصين بنشر جميع المعلومات المتوفرة حول الفيروس، وهذا ما ساعد العديد من الدول في المضي قدماً لإيجاد علاج فعال للمرض.

وقد نجحت دولتنا في علاج ثلاث حالات، ونجحت الصين في علاج أكثر من 34 ألف شخص، صحيحٌ أن العلاج المستخدم حتى الآن ليس هو العلاج الفعال والنهائي إلا أن هذا الأمر يبشر بالخير، خصوصاً أن الصين خلال الأيام الماضية قد وصلت لنتائج مبشرة، حيث وصل عدد المتعافين من الفيروس أكثر من عدد المصابين الجدد، وهذا يؤكد أن الصين تمضي بالاتجاه الصحيح، وما يؤكد أن الأمر مسألة وقت لا أكثر، أننا مقبلون على فصل الصيف ودرجة الحرارة المرتفعة ستكون كفيلة بالقضاء على الفيروس كما تشير الأبحاث العلمية.

الأخطر من كورونا هي الشائعات التي تتمحور حوله، والتحليلات غير المنطقية لهذا الفيروس وربطها بأمور لا أساس لها من الصحة، والأخطر من كورونا هي بعض العقول التي تقول إن الصين أوجدت هذا الفيروس للقضاء على المسلمين، هؤلاء هم أنفسهم الذين ربطوا الفيضانات والزلازل التي تحدث في الدول غير المسلمة بأنها عقاب من الله، في حين أن مثل هذه الأمور لا تُفرق بين مسلم وغير مسلم، وبالعودة لكورونا، فإن الصين كغيرها من الدول قامت بتوفير البيئة العلاجية لجميع مواطنيها مهما كانت أصولهم ومرجعياتهم الدينية، وهذا يؤكد أن الأخطر من كورونا أيضاً، هو بعض العقول التي تعشق اختلاق القصص وفبركتها.

كورونا كغيره من الأمراض التي يجب علينا الانتباه لها لمنع وصولها لنا، ويكون هذا الأمر بتقصي الحقائق من الجهات الرسمية المعتمدة وليس عبر وسائل التواصل وتعليقات المستخدمين، وهذا ليس رأيي إنما هو رأي منظمة الصحة العالمية، لذا علينا مكافحة الشائعات قبل الفيروس، وكلنا ثقة أن دولتنا ستقوم بما يلزم لحماية سلامة الحياة على أراضينا.

* كاتب وإعلامي

 

Email