الوحدة قرار وليست خياراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تواجه أي جهة أو كيان تحديات مصيرية، يتوحد الجميع، ويصبح الترفع عن أي خلاف سيد الموقف، ومن هذا المنطلق، فإن أي موقف من قبل الفلسطينيين بشأن خطة السلام الأمريكية، المعروفة بـ «صفقة القرن»، لن يكون له نتيجة حقيقية، دون البحث عن وسائل وأدوات ذكية وغير تقليدية، لنيل الحقوق الفلسطينية المشروعة، وفي مقدم ذلك، ترتيب البيت الداخلي، وتفعيل الوحدة الفلسطينية.

فالكل يعتبر أن «صفقة القرن» لا تلبي الطموحات، لكنه ليس بيده الأدوات المقنعة للرد على هذه الصفقة، ويتجاهل الأسباب التي أوصلت فلسطين إلى هذا الدرك الأسفل من جحيم الفرقة، فالمشكلة دائماً، هي بأي زاد نريد أن نقطع الطريق نحو المقصد.

ما تحتاجه فلسطين اليوم، هو البصيرة، وهو الإيمان والعمل، فالوحدة قرار، وليست خياراً، والشعب الفلسطيني يعرف أن خطاب الرفض والتنديد، لا يُغير في الواقع شيئاً، بل آن الأوان لتتكتل كل السواعد والعقول، حتى تهدم الانقسام، بعيداً عن شعارات النخب الفاشلة، التي تواصل تعظيم خطابها حول الحفاظ على الثوابت الوطنية والمقاومة.

هنا، يجب أن نضع الأصبع على الجرح للمعالجة، وليس لتثبيط الهمم، إزاء الإصرار والإلحاح على لفظ الوحدة، ورفضها عملياً، والمناداة بها وبأهميتها لفظياً.

فالانقسام الفلسطيني لم يشكل فقط عقبة كبيرة أمام القضية الفلسطينية ومصداقيتها، والجهود الرامية لمساندتها فحسب، بل شكل أيضاً فرصة للمحتل الإسرائيلي في استثمار فرص ومناخ داخلي غير إيجابي، ليفرض على الجميع خيارات غير مرضية، بعدما استسلمت القوى السياسية لواقع الانفصال، وأصبح كل طرف يريد أن يُبعد عن نفسه ويتبرأ مما جرى.

القضايا المصيرية الكبرى، التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، لا تحتاج إلى المناورة، فلقد حان الوقت لترتيب الأولويات، بناء على التحديات الداهمة، والمخاطر العاجلة،

وآن الأوان لهذه الفصائل والنخب السياسية، مراجعة حساباتها، وتصويب ممارساتها، أو اعترافها بالخطأ، لتصبح الوحدة واقعاً، يفرض على إسرائيل إعادة حساباتها مع الشعب الفلسطيني وقيادته وفصائله، كما أن المواقف العربية والإسلامية، ستعزّز من قوّة ومناعة هذا الموقف، بأضعاف مضاعفة، إذا ما وجدت في فلسطين قلباً ونبضاً واحداً حول القضية.



 

 

Email