«قادر 2020».. لا سلام من دون قوة تحميه

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما هو الهدف من المناورة الاستراتيجية المهمة التي نفذتها القوات المسلحة المصرية الأسبوع الماضي، تحت عنوان «قادر 2020»؟.

المناورة هي الأكبر للقوات المصرية منذ ست سنوات، وهدفها ردع كل من يعتقد أنه قادر على المساس بالأمن القومي المصري وبعث رسالة طمأنة للمصريين، بأن قواتهم قادرة على حماية حدود البلاد وحقوقها ومقدراتها ومواردها الاقتصادية.

في الظروف التي تعيشها المنطقة، فإنه لا يمكن الحديث عن تحقيق سلام أو تنمية كانت اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية، أم علمية، من دون قوة عسكرية تحميها.

للمرة الأولى منذ فترة طويلة صارت مصر محاطة ومهددة بطوق من النار من الجهات الأربع تقريباً. الميليشيات الإرهابية الموجودة في ليبيا بدعم وقوات ومرتزقة أتراك، تهدد الحدود الغربية بين مصر وليبيا والتي تبلغ حوالي ١٢٠٠ كيلو متر.

ومن الشمال أيضاً هناك التهديد التركي الذي وقع مع حكومة الميليشيات في طرابلس اتفاقية غير قانونية بترسيم الحدود البحرية، بما يهدد حقول الغاز في شرق البحر المتوسط. ومن الشرق هناك حركة حماس، وبجانبها إسرائيل المستفيدة من كل مصائب المنطقة.

وفي الشرق أيضاً الصدام الأمريكي الإيراني. وفي الجنوب هناك حالة من عدم الاستقرار في السودان الشقيق إضافة بالطبع إلى التطور الأخطر، وهو التهديد الإثيوبي بحرمان مصر من حصتها من مياه النيل في حالة بناء سد النهضة بطريقة انفرادية من دون الاتفاق مع مصر.

المناورة التي تم تنفيذها على جميع الاتجاهات الاستراتيجية، هي رسالة لكل من يهمه الأمر، بأن مصر، لن تقبل أن تتعرض لتهديدات، أو يتم حرمانها من مواردها الاقتصادية أو حصتها التاريخية من مياه النيل.

ختام المناورة «قادر ٢٠٢٠» كان افتتاح قاعدة برنيس العسكرية الأكبر من نوعها في المنطقة.

برنيس هي أقرب نقطة مصرية على البحر الأحمر للشاطئ الآخر في السعودية، وهي أقرب نقطة مصرية لمضيق هرمز، وبالتالي هي رسالة بأن أمن منطقة الخليج العربي، هو في صميم الأمن القومي المصري.

وهناك وجهة نظر إسرائيلية، تقول إن أحد أهداف هذه القاعدة هو منع إيران من تهديد مسار السفن القادمة من باب المندب لقناة السويس كما أن أمن الملاحة في البحر الأحمر مهم جداً لخطة «الحزام والطريق»، الصينية التي تشارك فيها مصر ثم إنها رسالة مهمة أيضاً لإثيوبيا. والملفت للنظر أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، قد حذرت من خطورة تزايد قوة وتسليح الجيش المصري على إسرائيل.

قاعدة برنيس التي تقع على مساحة ١٥ ألف فدان، تمثل التكامل بين أنظمة التسليح وجميع عناصر القوات المسلحة من الوحدات الميكانيكية والمدرعات والإشارة والحرب الإلكترونية ووحدات المراقبة والوحدات الإدارية تحت حماية قوات الدفاع الجوي بالتعاون مع القوات البحرية والجوية.

كنت حاضراً افتتاح القاعدة يوم الأربعاء قبل الماضي، وشاهدت رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود نائب وزير الدفاع السعودي، يرفعون العلم المصري على القاعدة، في رسالة لا تخطئها العين على أن العلاقات المصرية الإماراتية السعودية، صارت حجر الزاوية في الأمن القومي العربي هذه الفترة.

في برنيس قاعدة بحرية بها حاملة الطائرات المصرية، والفرنسية الصنع المستيرال، وكذلك رصيف حربي بطول يزيد على ألف متر، ليلبي احتياجات القطع البحرية من غواصات وفرقاطات ذات الغاطس الكبير.

وهناك أيضاً قاعدة جوية، وخلال المناورة الجوية، شاهد الحاضرون المقاتلات الأحدث في سلاح الجو المصري، خصوصاً الرافال الفرنسية، والميج ٢٩ الروسية المعدلة، والإف ١٦ الأمريكية. الهدف الجوهري من قاعدة برنيس التي تعد الأكبر في الشرق الأوسط، هو مواجهة التحديات الأمنية في نطاق البحر الأحمر وحماية الاستثمارات والثروات الطبيعية المصرية.

المناورة «قادر ٢٠٢٠» وافتتاح قاعدة برنيس العسكرية، رسالة واضحة بأنه لا يمكن تحقيق السلام والتنمية، من دون قوة عسكرية تحميهما.

Email