الاقتصاد الإعلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما نقول كلمة «اقتصاد» يتوجه نظر وفكر الأغلبية إلى مفهوم واحد للاقتصاد؛ وهو الحركة التجارية والصناعية، في حين أن هناك جانباً آخر من الاقتصاد، وهو الاقتصاد الإعلامي، ولا أقصد هنا تناول الحالة الاقتصادية عبر الإعلام؛ إنما أن يكون الإعلام نفسه كونه صناعة إحدى أهم ركائز الاقتصاد ومصدراً آخر لتنوعها.

أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قبل أسابيع «مجلس دبي للإعلام» برئاسة سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد؛ المجلس الذي يعنى بإحداث طفرة تطوير كبرى في القطاع الإعلامي المحلي، وتعزيز أسس قاعدة الاقتصاد الإعلامي للوصول للهدف الأكبر؛ دبي عاصمة الاقتصاد العالمي.

قد يتساءل البعض كيف للإعلام أن يكون إحدى ركائز الاقتصاد؛ والإجابة تأتي في تجربة دبي في هذا المجال؛ حيث إن في دبي أكثر من أربعة آلاف شركة إعلامية تتخذ من أرضها مقراً، وتوظف ما لا يقل عن 35 ألف عنصر بشري، ولكم أن تتخيلوا هذا الكم الهائل من الشركات كيف سيكون محركاً وداعماً للاقتصاد المحلي؛ هذا بخلاف تأثير الإعلام على الاقتصاد، وبتواجد هذه الشركات والمؤسسات الإعلامية سيكون التركيز كبيراً على دبي ومشاريعها الاقتصادية، ونقل هذه التجربة للعالم وتسويق دبي وجهة عالمية سياحياً واقتصادياً.

الاقتصاد الإعلامي لا يقتصر على عدد الشركات ولا عدد العاملين بها، فالعبرة في حجم الإنتاج الإعلامي، والذي تصل قيمته في بعض الأحيان لملايين الدولارات، خصوصاً أن دبي وجهة مهمة في جذب الإعلام العالمي، ليتخذوا من أرضها مواقع لتصوير برامجهم وموادهم الإعلامية، وأيضاً حجم الاستثمارات الإعلامية، والتي تصل لمليارات الدولارات، وهذا بطبعه يخدم توجه دبي لتكون عاصمة للاقتصاد العالمي.

سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد أكد في اجتماعه الأول مع أعضاء «مجلس دبي للإعلام» ضرورة تقديم المقترحات لتطوير مؤسسات إعلام دبي، وأكد أيضاً وجوب استغلال تجربة دبي الناجحة في هذا المجال، وهي تجربة مميزة وفريدة، لذا من الواجب علينا جميعاً تقديم مقترحات بناءة لهذا التشكيل الحكومي الجديد «مجلس دبي للإعلام».

ما لا يعرفه الكثيرون أن إيرادات الولايات المتحدة من «هوليوود» قد تتقارب أو تتفوق على حجم إيرادات أمريكا من بيع الأسلحة، ولكم أن تتخيلوا حجم هذه الأرقام، والأفلام جزء لا يتجزأ من الإعلام، ولهذا علينا الاعتراف بأننا بحاجة لدعم الإنتاج السينمائي في دبي، والعمل على استقطاب المنتجين العالميين، ليتخذوا من دبي مقراً لأعمالهم وتسويق منتجاتهم، وهذا سيجلب الكثير من العوائد الاقتصادية، وبالإمكان الاستعانة بصناع السينما من الدول الأكثر إنتاجاً لها كالولايات المتحدة والهند ومصر، وأيضاً الاهتمام بأفلام الرسوم المتحركة سواء للكبار أو للصغار، إذ تعتبر هذه الأفلام من أكثر الأفلام إيراداً في شباك التذاكر.

الأمر الآخر الذي يجب الانتباه له، والمضي في تطويره، هو عالم صناعة الألعاب، إذ تشير الدراسات إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم صناعة الألعاب الإلكترونية عالمياً إلى ما يقارب 200 مليار دولار في عام 2020، وهذا رقم يفوق الكثير من أنواع التجارة التقليدية، فصناعة الألعاب تعتبر اليوم عنصراً مهماً في رفع أسهم الاقتصاد الوطني، والاهتمام بسوق الألعاب الرقمية وصناعتها سيسهم كثيراً في دعم خطة دبي الاقتصادية.

وأيضاً من الأمور المهمة، والتي لها علاقة في الإعلام هي الموسيقى؛ إذ يعد عالم الموسيقى والإنتاج الموسيقي من أكبر القطاعات الإعلامية المحركة للاقتصاد، والأمر لا يقتصر على إنتاج الموسيقى فقط، وإنما أيضاً بتسويقها وحفظ حقوق نشرها؛ إذ تعمل الكثير من الشركات العالمية على تملك حقوق التوزيع الموسيقي لتجني المليارات من الأرباح، وهذا قطاع مهم يجب جذب المستثمرين الفعالين فيه، والعمل على تبني التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة، التي تتنافس في ما بينها لتوزيع الموسيقى ونشرها؛ والاستثمار في هذا المجال لاستقطاب الشركات العالمية للدخول في أسواق الموسيقى العربية من بوابة دبي.

الحقيقة أن تشكيل «مجلس دبي للإعلام» برئاسة سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد سيفتح الآفاق لتطوير المنظومة الإعلامية داخل دبي واعتبارها محركاً اقتصادياً جيداً يمكننا الاعتماد عليه في قادم السنوات، وجعل دبي عاصمة للإعلام العالمي، وبهذه المناسبة أهنئ جميع العاملين في المكتب الإعلامي لحكومة دبي، وعلى رأسهم منى غانم المري على اختيار عام 2020 لتكون دبي عاصمة للإعلام العربي، وهذه خطوة مهمة لجعل دبي عاصمة للإعلام العالمي، ونحن نمتلك جميع المقومات لذلك، وسيكون لنا بصمتنا الاستثنائية في هذا المجال.

Email