تجمُّع البحر الأحمر.... مكاسب للجميع

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخلت الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، مرحلة تاريخية جديدة، من خلال تحقيق حلم طال انتظاره منذ عام 1956، عندما اتفقت مؤخراً على تأسيس كيان إقليمي، يجمع ثماني دول، هي السعودية ومصر والسودان واليمن والأردن والصومال وإريتريا وجيبوتي، وهو ما يؤسس لحقبة جديدة، تتسم «بالمناعة السياسية والأمنية»، في مواجهة أخطار كبيرة تعصف بالمنطقة، كما تكشف هذه الخطوة الاستراتيجية، مسارات عديدة للتعاون في مجالات التنمية المستدامة والسياحة والبيئة، فكيف تجلت الإرادة السياسية لتأسيس هذا الكيان الحيوي؟ وما مدى أهمية انضمام دول في الإقليم لهذا التجمع الجديد؟.

الحلم أصبح واقعاً

منذ أكثر من 60 عاماً، وهناك محاولات لتأسيس كيان يضم الدول العربية والأفريقية التي تطل على البحر الأحمر وخليج عدن، وترجع فكرة تشكيل منظمة إقليمية تحافظ على مصالح الدول التي تطل على البحر الأحمر وخليج عدن، لعام 1956، عندما التقى الرئيس المصري جمال عبد الناصر مع ملك السعودية الملك سعود بن عبد العزيز، والإمام أحمد بن يحيى، حاكم اليمن، وتكررت المحاولة في جدة عام 1972، بإضافة السودان وإثيوبيا، إلى جانب السعودية ومصر واليمن، وكان الهدف، وضع آلية لاستثمار الموارد الضخمة الموجودة في البحر الأحمر.

كما كانت هناك محاولة جادة عام 1976، عندما استضافت جدة قمة ثلاثية، جمعت الرئيس المصري أنور السادات، والملك خالد بن عبد العزيز، والرئيس السوداني جعفر نميري، وتم الاتفاق في هذه القمة على التعاون العسكري الثلاثي، من أجل حماية البحر الأحمر.

وفي سبتمبر عام 2008، صدر إعلان الرياض، الذي جمع لأول مرة دول مجلس التعاون الخليجي مع الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر، وبدأت الثمار الحقيقية لتأسيس هذا الكيان، عندما استضافت السعودية نهاية عام 2018، الاجتماع الوزاري لدول البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن توقع الدول السبع على ميثاق التأسيس الأسبوع الماضي، لتبدأ مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق بين هذه الدول.

مغانم ومغارم

ولا شك أن العبث الحوثي والقرصنة وأطماع دول بعيدة، مثل تركيا، عجلت بإنجاز هذا الكيان الإقليمي، بهدف حماية الثروات الضخمة، وتعزيز التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي، لحماية حوض البحر الأحمر، الذي يضم سواحل بطول 5500 كلم، وبه عشرات الجزر، ويعبر من طرفيه ما يزيد على 13 % من التجارة العالمية، إلى جانب 40 % من إجمالي حركة النفط العالمية، حيث يمر به أكثر من 3.3 ملايين برميل نفط يومياً.

نعم، هذه خطوة استراتيجية، تعزز الأمن الإقليمي العربي والأفريقي، لكن سيكون من الأفضل ضم دول ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن البحر الأحمر وخليج عدن، وبعض الدول الأفريقية التي تتفق أهدافها مع أهداف دول حوض البحر الأحمر.

Email