قوة الأمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرت منطقتنا خلال الأسبوع الماضي بأزمة سياسية حادة، وتوترت العلاقات الأمريكية - الإيرانية لتصل لذروتها، وذلك بعد أن قام الحرس الثوري الإيراني بمهاجمة قواعد عسكرية عراقية، يتواجد فيها جنود أمريكيون.

وفي اليوم نفسه التقيت صديقاً من دولة أجنبية ودار الحديث في ما بيننا حول الأوضاع السياسية، وما تمر به المنطقة، وأخبرته أن الأمور عادية جداً، وأنه عندما تغلق التلفاز الذي أمامك ستجد كل شيء على ما يرام، ولا يوجد أي تغيير في نمط الحياة في دولة الإمارات، ونحن مقبلون على سنة الاستعداد للخمسين وفي هذا العام سنرحب بالعالم في معرض إكسبو دبي، وأيضاً سنصعد للمريخ في مشروعنا «مسبار الأمل».

استغرب الصديق كثيراً من كلامي، وكيف لنا نحن الإماراتيون أن نكون بهذه الإيجابية، فأخبرته بأن مشروعنا للمريخ يتزين بعبارة «قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء»، وأن الأمل هو أصل الإيجابية، حواري مع الصديق لم ينتهِ بهذا القدر، وبالمناسبة صديقي هذا يعمل صحافياً تابعاً لإحدى القنوات الأجنبية، وبطبيعة عمله يقابل الكثير من المسؤولين وأصحاب القرار في دولتنا.

وقد أخبرني أن نظرة الإماراتيين للأحداث تكاد تكون متشابهة إلى حد كبير، وهذا أمر طبيعي لدولة تنشد الإيجابية والسعادة في كل أمور الحياة، وتتخذ من الأمل قوة تختصر بها المسافات، وهذا سبب نجاح الإمارات والتجربة الإماراتية.

نحن في الإمارات كغيرنا من البشر نتأثر بالأحداث، ولكن ما يميز تجاربنا أننا نتطلع لهذه الأحداث كونها فرصة لنا، وكونها تحدياً جديداً يجعلنا أفضل في المستقبل، ولا تفتر عزائمنا أمام أي تحدٍ أو ظروف توضع أمامنا، فهذا ما أصلّته قيادتنا فينا.

ثقافة اللامستحيل وقوة الأمل أصبحتا علامة إماراتية مسجلة بامتياز، فشعبنا أصبح يستلهم أفكاره من اللامستحيل ولدينا وزارة اللامستحيل، ولدينا قيادة تؤمن باللامستحيل، ومشاريعنا جميعها قائمة على قوة الأمل، وحتى اتحادنا كان أساسه قوة الأمل، فحينما كانت دولنا العربية تتقسم كانت قوة الاتحاد تجمعنا نحن تحت قيادة واحدة، آمنت بقوة هذا الشعب وبالفرص التي تنتظر مستقبلهم.

ومن هنا جاءت ثقافتنا باللامستحيل، وقوة الأمل التي سنصل بها إلى السماء في أول مشروع عربي إسلامي لاستكشاف المريخ، وهذا لم ولن يكون إلا لأننا تركنا الظروف جانباً، وتخطينا المصاعب، ولم ننتظر لأحد أن يكتب مصيرنا، بل كان لدينا هدف في رسم ملامح المستقبل لشعبنا، لنكون استثناء وتجربة فريدة لمن يريد أن يتعلم، والإنسان، كما هي الدول، هو من يختار طريقه في هذه الحياة، إما أن يختار قوة الأمل وإما ضعف التشاؤم.

ستبقى الإمارات دائماً كما عهدتها، هكذا أنهيت حواري مع الصديق، لأخبره أننا لا نتأثر بالأحداث، بل نحاول أن نؤثر فيها، هي لا تغيرنا، بل نحن من نحاول أن نغيرها ونجذبها لصالحنا، ونجد فيها الفرصة لنغدو أفضل، وهذا التعايش مع الأحداث جعلنا أقوى، وجعل قصتنا مضرباً للمثل في النجاح والتطور وبلوغ القمم، وبقوة الأمل سنغدو يوماً بعد يوم نحلق من فضاء إلى فضاء.

 

 

Email