سر صفقات السلاح المصرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل الذين انتقدوا صفقات السلاح للجيش المصري في السنوات الماضية، اقتنعوا الآن بخطأ حساباتهم، أم لا يزالون يكابرون؟!هذا السؤال أطرحه كثيراً في الشهور الأخيرة، لكنه يلح علي هذه الأيام، في ظل التوترات المتزايدة التي تعصف بالمنطقة، خصوصاً في الحدود الغربية، على الجبهة الليبية، وفي الحدود الشمالية حيث مياه شرق البحر الأبيض المتوسط.

بعد أن أسقط غالبية المصريين، حكم جماعة الإخوان في 30 يونيو 2013، بدأت الدولة المصرية، في عقد صفقات أسلحة نوعية مهمة لتحديث القوات المسلحة.

من أبرز هذه الصفقات، كانت صفقة الطائرات المقاتلة «الرافال» مع فرنسا. وكذلك صفقة حاملتي الطائرات الميسترال الروسية بموافقة فرنسية، إضافة إلى غواصات بحرية حديثة من المانيا، وإنشاء قواعد عسكرية مهمة جداً، خصوصاً الأسطول الجنوبي في البحر الأحمر، قرب الحدود مع السودان، وقاعدة محمد نجيب في الصحراء الغربية، قرب الحدود مع ليبيا، إضافة إلى الأسلحة التقليدية.

حينما وقعت مصر هذه الصفقات خرج البعض بسوء نية، أو حسن نية، يشكك في جدوى هذه الصفقات ويتساءل، لماذا فعلنا ذلك، وهل نحن في حاجة إليها، ومن هم الأعداء الذين سنحاربهم كي نشتري هذه الأسلحة، وألم يكن من الأفضل أن نوجه ثمن هذه الصفقات، لإنشاء مصانع توفر فرص عمل للعاطلين ؟!.

مثل هذه الأسئلة وغيرها كثير، صدقها بعض البسطاء، واعتبروها حقائق لا يمكن دحضها، ولعبت على هذا الموضوع العديد من القنوات الأجنبية الموجهة بالأساس للداخل المصري. والآن ظهرت الحقائق واضحة وجلية، وهي أن صانع القرار المصري، كان يقرأ تطورات المنطقة والعالم، بصورة صحيحة جداً، حينما وقع هذه الصفقات العسكرية قبل سنوات.

التطورات الراهنة تقول إن ما يحدث في ليبيا يمس صميم الأمن القومي المصري، والعربي.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول أن يحاصر مصر من الغرب، لوضع يده على ثروات ليبيا النفطية، ولتمكين حلفائه خصوصاً جماعة الإخوان، من حكم كل ليبيا، بدعم حكومة الميليشيات التي يقودها فايز السراج، الذي رهن بلاده لأردوغان بتوقيعه اتفاقيتي ترسيم الحدود البحرية، واستقدام قوات تركية، بدأت في التدفق إلى ليبيا بالفعل.

أردوغان أيضاً لا يقبل بترسيم الحدود بين مصر وقبرص واليونان وإسرائيل، ويريد أن يحصل بالقوة على أي حصة من ثروة الغاز في منطقة شرق المتوسط.

مصر تحتاج إلى قوة عسكرية خصوصاً بحرية لحماية ثروتها في المياه الاقتصادية الخاصة بها في البحر المتوسط. والرئيس عبد الفتاح السيسي قال قبل أسابيع قليلة أن مصر لن تقبل بأن تسيطر أي قوة خارجية، على ليبيا أو السودان. والسؤال كيف يمكن لمصر أن تفعل ذلك، وتحمي أمنها القومي، من دون أن يكون لها قوة عسكرية معتبرة؟!

التحدي الثاني والمهم هو ضرورة حماية حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، في ظل المفاوضات الصعبة جداً التي تخوضها منذ سنوات مع إثيوبيا والسودان في هذا الصدد، ويفترض أن تظهر ملامحها الأساسية خلال الأيام المقبلة، إما بالانفراج أو الانهيار أو استمرار المماطلة الأثيوبية، التي تحاول حرمان مصر من حقوقها المائية بما يجعلها تحت رحمتها الدائمة ورحمة من يدعمونها سراً وعلانية.

والمعنى الذي كرره الرئيس المصري أكثر من مرة هو أنه ما كان يمكن لإثيوبيا أن تبني سد النهضة لولا الظروف التي مرت بها البلاد بعد 25 يناير 2011.

والأمر باختصار أن القوة الشاملة لمصر، وضمنها القوة العسكرية، هي التي ستجعل تركيا أو إثيوبيا أو غيرهما تفكران أكثر من مرة، قبل أن تؤثر أو تضر بالمصالح القومية المصرية.

إضافة إلى الحدود الليبية والتهديدات التركية والإثيوبية، هناك أيضا القلق المستمر من الجبهة الشرقية، وتظل إسرائيل هي التهديد الأخطر على الأمن القومي المصري والعربي، إضافة إلى خطورة استمرار سيطرة حماس علي غزة، وتحدي الإرهاب في شمال سيناء، وعدم استقرار الحدود السودانية، وأخيراً القلاقل المستمرة في الخليج العربي.

بعد كل هذه الصورة: هل لا يزال البعض يتشكك وينتقد ويسأل: لماذا وقّعت مصر صفقات الأسلحة النوعية في السنوات الماضية؟!

 

 

Email