عام جديد وتطلعات جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم الواحد والثلاثون من شهر ديسمبر من 2019، هو نهاية العام، وغداً سنستقبل عاماً جديداً يرى فيه الكثيرون التفاؤل والأمل وبداية تحقيق الأحلام، تماماً .

كما كانوا يتمنون مع بداية عام 2019؛ البعض حقق أهدافه والبعض الآخر مازال واقفاً في مكانه بانتظار الوردة التي ستشق الصخر ويقول الروائي الكبير نجيب محفوظ في هذا الأمر: «كثيراً من الناس يظن أن التفاؤل هو انتظار خروج وردة دون أن يزرعها بعد».

وأنا أتفق تماماً مع الكاتب نجيب محفوظ، فالكثيرون يستقبلون الأعوام الجديدة بنظرة خاطئة عن التفاؤل والأمل.

حيث إن هؤلاء يصيبهم الضجر من حياتهم وينتظرون الفرج دون أن يحركوا ساكناً، دون أن يعقدوا العزم على تحقيق ما يحلمون به، تماماً كأولئك الذين يجلسون في الظلام يلعنون فيه طوال الليل ولم يفكروا أن يوقدوا شمعة.

فالتغيير لا يجتمع من السكون أبداً؛ إنما يحب الحركة والحركة في مكانها واتجاهها الصحيح، حتى وإن كانت الحركة بغير اتجاهها الصحيح إلا أن الحركة تفتح لك آفاقاً جديدة، تتيح لك فرصة لمشاهدة الفرص من زوايا مختلفة.

كل إنسان يطمح بأن يصل لمكان معين في حياته، يعقد العزم لتحقيق هدف معين خلال فترة معينة، ينظر إلى حياته ويرى فيها جزءًا يجب تغييره.

ولكن كل هذه الأمور تحتاج لخطة لبلوغ هذه الأهداف والتطلعات، وها نحن أمام عام جديد يفصلنا عنه من اليوم فقط 24 ساعة أو أقل، ومع كل بداية عام تتاح الفرصة لكي نكون أكثر قرباً من مراجعة حساباتنا، مراجعة تطلعاتنا، مراجعة أهدافنا.

فالبعض يرى في مكان عمله مشكلة يجب حلها، فعليه أن يتحرك لكي يجد لها حلاً، والبعض يرى في أسرته شيئاً ينقصه ولذا عليه أن يتحرك لكي يملأ هذا النقص، وهكذا هي الأمور جميعها.

دائماً ما أجد أن التغيير يبدأ من العقل قبل كل شيء، فإذا تغير ما في عقولنا سيتغير كل شيء من حولنا، نظرتنا للأمور ستختلف، ولذا علينا دائماً أن نبدأ بتغيير عقولنا؛ نغير طريقة تفهمها للأشياء وطريقة الحكم عليها، وأن نغير من الزاوية التي ننظر بها ونقيم من خلالها الأمور، ولهذا الأمر طريقة علمية،.

ولكن ليس بالسهولة على الجميع تطبيقها، وهي أن تنظر للواقع الذي تعيشة أو للمشكلة التي تواجهك أو حتى للحلم الذي تريده .

وكأنك شخص آخر ينظر لحياتك، وكأنك حلال المشاكل الذي يجد حلاً للآخرين ولا يستطيع أن يجده لنفسه، وهذه حقيقة، فنحن نجد الحلول المناسبة لغيرنا وننصح غيرنا ولا نستطيع أن نساعد أنفسنا.

المشكلة الحقيقية التي تواجه أي إنسان هي نابعه من داخله، فالإنسان نفسه هو من يجمل الحقائق أو يجعلها أكثر سوءاً مما هي عليه ويكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين.

فالكثيرون عندما يخططون لبلوغ أهدافهم لا يصارحون أنفسهم بنقاط ضعفهم ولا يجلسون مع أنفسهم جلسة مصارحة يخرجون منها بنقاط الضعف والقوة واستغلال المقومات التي يتمتعون بها.

والإنسان مهما بلغ من مكانة وعلم إلا أنه يحتاج لأن يتعلم الجديد ويكتسب المزيد.

نحن على أعتاب عام جديد، وكل شخص منا يجب أن يجلس جلسة مع نفسه يضع من خلالها النقاط على الحروف، يتعرف على شخصه من جديد، يعقد مع نفسه صفقة العمر التي ستريحه طويلاً.

فإن عرفت وتعرفت جيداً لمقوماتك وما الذي يميزك وما الذي ينقصك ستكسب أي مواجهة قادمة، فلا أفضل من رجل عرف إمكانيات السلاح الذي بداخله.

قالوا أطلق المارد الذي بداخلك، أطلق العنان لروحك، افتح أبواب الإبداع من حولك، وفي كل مرة تقول: أتركها للغد، وفي الغد ستقول لنتركها للغد، حتى تموت الفكرة ويدفن الهدف.

ومن ثم نرثي حالنا ومآلنا، ولم نعلم أن التسويف والتأجيل هو إبرة المخدر التي إن اعتدت عليها سيصيبك إدمان الفشل، وستصبح عجوزاً وأنت في ريعان شبابك.

وستصبح عاجزاً وأنت في عز طاقتك، فالأيام تجري وكما ودعنا ٢٠١٨ ها نحن اليوم نودع ٢٠١٩ وغداً سنودع ٢٠٢٠، فلنضع حداً لهدر السنين ونفتح الأبواب المغلقة، ولا أقصد الأبواب المغلقة من حولك، إنما الأبواب المغلقة التي بداخلك.

نحن اليوم أمام موعد لتحقيق كل ذلك، فعام جديد وتطلعات جديدة، تطلعات لشخصك ولأسرتك، وتطلعات لوطنك ومجتمعك، وتطلعات أكبر لأمتك والبداية بداخلك.

Ⅶ كاتب وإعلامي

 

Email