العراق للعراقيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بنت الانتفاضة العراقية لنفسها طريقاً مشرفاً في استرجاع الوطن، هي انتفاضة بحجم الوطن، عابرة للطوائف والمذاهب. وهذه التظاهرات- سواء نجحت أم لم تنجح، في اقتلاع جذور إيران في «المنطقة الخضراء» ببغداد، فهي ستكون حجر الأساس، الذي سينقل الوعي العراقي باتجاه استرجاع هويته، العزيمة والإصرار والحرص على استكمال المواجهة في وجه رجال إيران، من شأنها تكريس اللحمة الوطنية لدى العراقيين والحيلولة دون بقاء العراق رهينة قرارات إيران.

العراقيون تعلموا الدرس وباتوا أكثر تلاحماً، ويشعرون حالياً بنفور كبير من السياسات الإيرانية ودور الميليشيات، وهذا العداء لم يأتِ من فراغ، بل هو حصيلة تراكمت طول السنوات الماضية، حيث عملت إيران على الحيلولة دون ظهورعراق قوي قد يشكل تهديداً سياسياً وعسكراً وأيديولوجيا لها.

وركزت على تثبيت المحاصصة، بما يسهم في الحفاظ على نفوذها في أرض الرافدين، كما أنها لا تريد للعراقيين أن يتوحدوا تحت مظلة هوية وطنية جامعة، وتسعى بدلاً من ذلك إلى أن يصبح لكل مكون هويته وكيانه المسلح، ليسهل عليها زجهم في اقتتال داخلي، فيما سهرت على إنتاج حكومة ناقصة تطلب كل صغيرة وكبيرة من إيران.

آن الأوان اليوم لإنهاء حكم نظام المحاصصة والفساد، وتشكيل حكومة عراقية تعددية واسعة بعيدة عن رجالات إيران، تحرير القرار الوطني العراقي المختطف لضمان السيادة والإرادة الوطنية الحرة ببناء وإدارة البلاد. ولا يزال أمام العراقيين التحدي لبلورة مطالب بشكل أوضح وإنتاج قيادات قادرة على ترجمة ضغط الشارع إلى مكتسبات سياسية حقيقية، بحيث تسقط كل الهويات الهامشية والضيقة أمام العنوان العريض وهو العراق.

الأوطان لا تموت من ويلات الحروب، ولكن تموت من خيانة أبنائها، وأهم شيء ولد على أرض الرافدين، أن العراق للعراقيين، ولا مجال لتشبث رجالات إيران بمناصبهم، ولن تترك البلاد لأصحاب الأجندات الداخلية والخارجية لتوظيف العراق في مخططات إيران، ويبقى أهم ركن من أدوات التغيير إعادة النظر بالأسس، التي قامت عليها العملية السياسية، وهو الأمر الذي سيضع العراق على السكة.

 

Email