ليبيا ليست للبيع

ت + ت - الحجم الطبيعي

أهم أمر يدفع الشعوب إلى النضال هو السيادة التي تعني استقلالية القرارات، ورفض التدخلات الخارجية، فالشعب الليبي صاحب التاريخ العريق في منازلة الاستعمار الإيطالي حريص على مقاومة الاتفاق الأمني، الذي أبرمه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع رئيس حكومة طرابلس الليبية، فايز السراج، الذي يعطي أنقرة عملياً مدخلاً واسعاً للتدخل في الشأن الليبي، حيث سيقاوم أحفاد عمر المختار مخططات العودة، عودة الوصاية العثمانية على المنطقة، وتهديد استقلال ليبيا.

الشعب الليبي الحر، الذي رفض سيطرة الميليشيات على مقدرات ليبيا، خرج عبر كل المناطق لمقاومة هذا الاتفاق الذي يسلب سيادته على أرضه، حيث اعتبره احتلالاً تركياً ودعماً مباشراً للجماعات المتشددة، ولن يكون أكثر من وثيقة تشهد بأن السراج باع ليبيا للأتراك، لكن ليبيا من خلال هبة أبنائها عصية على أحلام أردوغان، فالدولة لها رجال يمتلكون القدرة للدفاع عن بلادهم في مواجهة أوهام الحالمين بإعادة استعمارها، ولن يسمحون لأي كان بالتدخل في شؤونها الداخلية، فالجميع حريص على بناء وطن قوي، معتمد على ذاته، وإنتاج أفراده، واعتماداً يغنيه عن الغير، فالأزمات تظهر خلالها المعادن الحقيقة لنفوس البشر والمجال الحقيقي، الذي يحقق صدق النوايا.

ليبيا أصبحت حجر زاوية في استراتيجية تركيا لتوسيع نفوذها في شرق المتوسط والمنطقة والعالم، فالاتفاقية الموقعة بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا هدفها تكرار ما تقوم به عصاباته في شمال سوريا من مجازر هدفها تغيير التركيبة السكانية هناك، وما هي إلا غطاء لمزيد من تسليح الميليشيات الموالية للوفاق، ومحاولة لنجدتهم خاصة بعد الهزائم المتتالية في مواجهة الجيش بمعركة طرابلس وبوابة لتعزيز سلطة الإخوان، وبالتالي تثبيت أقدام تركيا في ليبيا.

المرحلة العصيبة التي تجتازها ليبيا، والأخطار المحدقة بالوضع في البلد، نتيجة تراجع وجود الدولة تفرض على كل الأطراف في هذا البلد الترفع عن الخصومات السياسية، والتطلع إلى خطوة بحجم مبادرة وطنية كبيرة لإنقاذ ليبيا من مغامرات حكومة الوفاق، ما يسهم في إعادة البلد من جديد إلى سكة التوازن والتلاحم.

Email