يوم الوفاء لشهدائنا الأبطال

ت + ت - الحجم الطبيعي

تختزن ذاكرة الشعوب والأمم النابضة بالحياة سيرة أبنائها الأبطال الذين صنعوا لها مجدها، وضحّوا بحياتهم من أجل أن تبقى وتتقدم.

ودولة الإمارات العربية المتحدة ليست استثناءً من هذه السنّة الكونية، بل تأتي في طليعة الدول التي تحرص على الاحتفاء بإنجازات أبنائها وتخليد تضحياتهم، من منطلق قناعة قيادتها الرشيدة، حفظها الله، بأن الإنسان الإماراتي هو أعظم ثروات هذا الوطن، وأن كل فرد من أبنائه هو جزء من قصة النجاح التي سطرتها الدولة وبهرت بها العالم، وهذا الاحتفاء بأبناء الوطن وتكريمهم يكونان أعظم بلا شك عندما يتعلق الأمر بهذه الكوكبة من خيرة أبناء الإمارات الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة النقية فداء لهذا الوطن وقيادته الرشيدة وشعبه العظيم.

في هذا السياق، جاء القرار التاريخي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2015 بأن يكون الثلاثون من نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، تستذكر فيه الدولة تضحيات شهدائنا الأبرار الذين وهبوا أرواحهم الطاهرة الزكية دفاعاً عن الوطن وأمنه ومكتسباته، وتحتفي فيه بالملاحم البطولية التي سطرها هؤلاء الشهداء عبر حزمة من الفعاليات المتنوعة، بمشاركة جميع مؤسسات الدولة وكل فئات الشعب الإماراتي.

وفي هذا السياق أيضاً، جاءت سلسلة القرارات والمبادرات الأخرى التي أعلنتها قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، لتخليد الشهداء وتكريم أسرهم، مثل تأسيس «مكتب شؤون أسر الشهداء»، وتدشين النصب التذكاري للشهداء في «واحة الكرامة»، وغيرها من المبادرات التي يصعب حصرها هنا، والتي تجسد حرص قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، على إبقاء ذكرى هذه الكوكبة من خيرة أبناء الإمارات حية في عقول وقلوب أبناء الشعب الإماراتي بفئاته كافة، تقديراً لبطولاتهم وتضحياتهم العظيمة في خدمة هذا الوطن العزيز.

هذا الحرص من قِبل قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، على تخليد ذكرى شهدائنا الأبرار، تواكب احتفاءً شعبياً غير مسبوق بهؤلاء الشهداء، وتضامناً لم نجد مثيلاً له مع أسرهم من قِبل جميع أبناء شعب الإمارات والمقيمين فيها، تخليداً ووفاءً وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل هؤلاء الشهداء الأبطال وأسرهم، في أعظم تجسيد لمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «البيت متوحد».

إن يوم الشهيد، الذي نحتفل به هذه الأيام المباركة، هو يوم الوفاء لشهدائنا الأبطال، اليوم الذي نستذكر فيه بطولاتهم الملحمية وما جسّدوه من قيم التضحية والشجاعة والانتماء، فهؤلاء ضربوا لنا أروع الأمثلة وكيف تكون قيم الوطنية والانتماء الحقة، وأعطونا دروساً لا تُنسى في معاني الشجاعة والبطولة والفداء، وقدّموا صورة مشرفة لابن الإمارات الأصيل الذي لا يتردد في تقديم روحه الطاهرة في ساحات العز والشرف دفاعاً عن وطنه، ومن أجل أن تبقى رايته عالية خفاقة.

إن هؤلاء الشهداء الأبطال هم خير من يجسد قيم «زايد الخير»، رحمه الله، في العطاء والشجاعة وحب الوطن، وهم نتاج إرثه الطيب وقيمه العظيمة التي زرعها في كل أبناء الإمارات، وهم أكبر دليل وأصدق برهان على رهان قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، على ابن الإمارات، واستثمارها فيه، فما سطره هؤلاء الشهداء الأبطال من بطولات في ساحات العز والشرف في اليمن وغيرها، أشاد به القاصي والداني، وأكد أن أبناء الإمارات قادرون على صنع المعجزات، وأنها على قدر المسؤولية وأهل لها، وهذا ما يجعل قيادتنا الرشيدة، ويجعلنا نحن أيضاً أبناء هذا الشعب العظيم، واثقين بأن تكون الإمارات قادرة على أن تكون أفضل دول العالم على الإطلاق في المجالات كافة، وأن تكون في المرتبة الأولى عالمياً في جميع المؤشرات التنموية.

هذا اليوم المجيد من أيام وطننا الغالي يمثل أيضاً مناسبة مهمة للاحتفاء بأسر الشهداء وذويهم، وفي مقدمتهم أمهات الشهداء، فهم جزء أصيل من قصص البطولة التي سطرها أبناؤهم، فأمهات الشهداء وآباؤهم هم الذين زرعوا في أبنائهم قيم الشجاعة وحب الوطن، وهم الذي علّموهم أن كل شيء يهون ويرخص فداءً للوطن، وضربوا لنا أروع الأمثلة في الصبر والانتماء والوطنية، عندما أكدوا أن فلذات أكبادهم ليست أغلى عليهم من تراب الوطن، فهذه قمة الوطنية، وأصدق تعبير عن معاني الانتماء إلى الوطن والولاء لقيادته الرشيدة.

وهذه المواقف الوطنية والإنسانية العظيمة، التي عبّرت عنها أمهات الشهداء وذووهم، كانت موضع تقدير كبير من قِبل قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، التي أكدت، قولا وفعلاً، أن أمهات الشهداء وأبناءهم وآباءهم وذويهم هم في كنف الدولة وفي رعاية قيادتها الرشيدة إلى يوم الدين، وما تأسيس مكتب شؤون أسر الشهداء إلا تجسيد لهذه الحقيقة، كما كانت هذه المواقف الوطنية من قِبل أمهات الشهداء وأسرهم موضع تقدير كبير من جميع فئات الشعب الإماراتي الذي التف حول أسر الشهداء، وسعى بشتى الطرق إلى التعبير عن التضامن معهم، وإظهار الفخر بتضحياتهم وبطولات أبنائهم.

كما يمثل هذا اليوم المجيد أيضاً مناسبة للاحتفاء برجال قواتنا المسلحة البواسل، حصن الوطن المنيع، الذين يضعون أرواحهم على أكفهم فداء للوطن وترابه الغالي وقيادته الرشيدة، والذين سطروا بدورهم بطولات كبيرة في جميع الميادين التي شاركوا فيها، للدفاع عن قضايا الحق والعدل، أو لبناء السلام وتقديم المساعدة، فتحية تقدير وعرفان لهؤلاء الأبطال الذي يسهرون على أمننا وراحتنا.

إن تضحيات شهداء الإمارات ستظل خالدة أبد الدهر في عقول وقلوب كل أبناء الإمارات، وستظل تمثل المعين الذي لا ينضب الذي نستقي منه معاني الانتماء وحب الوطن، وسيظلون أحياء في قلوبنا وقلوب قيادتنا الرشيدة، مثلما هم أحياء عند ربهم يُرزقون في جنات النعيم، كما أخبرنا رب العزة سبحانه وتعالى.

 

 

Email