اتفاق الرياض وتوحيد الصف اليمني

ت + ت - الحجم الطبيعي

توجت المملكة العربية السعودية الشقيقة جهودها الدؤوبة التي بذلتها لرأب الصدع بين الأشقاء اليمنيين باستضافتها مراسم توقيع «اتفاق الرياض» بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو الاتفاق الذي وضع حداً للأزمة التي اشتعلت بين الجانبين مؤخراً، وأعاد توحيد الصف اليمني من جديد، وأعاد توجيه البوصلة إلى الاتجاه الصحيح المتمثل في مواجهة الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، ومواجهة التنظيمات المتطرفة والإرهابية التي تحاول أن توجد لها ملاذاً آمناً في هذا البلد الشقيق.

لقد أكدت المملكة العربية السعودية من جديد دورها المحوري والحاسم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، من خلال نهجها الحازم في التصدي لأية مهددات للأمن الخليجي والعربي، ووقوفها بقوة إلى جانب الأشقاء اليمنيين في مواجهة انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً، وقيادتها لتحالف عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية، وأخيراً دورها المحوري في تقريب وجهات نظر ورأب الصدع الذي حدث بين الحكومة الشرعية وأبناء الجنوب، والذي توج بالتوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي.

وقد دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة جهود المملكة بقوة في التوصل إلى هذا الاتفاق، وإقناع الأطراف المختلفة بالقبول به، كما وقفت من قبل وقفتها المشرفة والداعمة للمملكة في إطار تحالف دعم الشرعية، وهو الأمر الذي أشار إليه بوضوح الأمير محمد بن سلمان في كلمته عقب إتمام مراسم توقيع اتفاق الرياض، والتي توجه فيها بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وإلى دولة الإمارات العربية المتحدة على ما قدمته من تضحيات جليلة في الساحة اليمنية لنصرة الشعب اليمني، وإشادة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بالدور الذي لعبته الإمارات في التوصل إلى هذا الاتفاق.

ولا شك في أن هذه الإشادة من قبل الأشقاء في السعودية على أعلى المستويات بالدور الإماراتي في التوصل إلى اتفاق الرياض، ومشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في مراسم توقيع الاتفاق، يمثلان رداً قاطعاً على بعض الأصوات المغرضة التي صدرت من أبواق إعلامية معادية وحاولت الإيحاء بوجود خلافات مزعومة بين الإمارات والسعودية في الملف اليمني، فالتحالف بين البلدين استراتيجي وراسخ، والتنسيق بينهما في الملف اليمني، وفي جميع ملفات المنطقة، في أعلى مستوياته، والعلاقة التحالفية بينهما غير قابلة للتأثر بأية محاولات مغرضة للوقيعة بينهما.

اتفاق الرياض لا يمثل مكسباً لطرف على حساب طرف، وإنما هو مكسب لليمنيين جميعاً؛ لأن استمرار الخلاف والتوتر بين الأشقاء اليمنيين كان من الممكن أن يقوّض الجهود المبذولة لتحقيق الهدف الأهم المتمثل في مواجهة الميليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية، ويعطي لهذه الميليشيات الفرصة لتحقيق هدفها في تنفيذ مخططاتها في الانقضاض على الدولة اليمنية والسيطرة عليها، وتهديد المكتسبات التي تحققت منذ اندلاع حرب استعادة الشرعية عام 2015.

ومن ثم فالاتفاق هو مكسب لكل اليمنيين. كما أن الاتفاق يمثل تغليباً لمصلحة اليمن وشعبه على ما عداها، ونهاية لرهان بعض القوى المعادية والمتربصة باليمن والمنطقة، للقضاء على أي أمل في السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في هذا البلد العربي الشقيق.

وما يجعلنا متفائلين بقوة بهذا الاتفاق هو أنه تضمن أطراً زمنية محددة وآليات واضحة لوضع بنوده موضع التطبيق، فالاتفاق ينص على حكومة كفاءات من 24 حقيبة وزارية توزع مناصفة بين أبناء الشمال والجنوب، كما ينص على وضع جميع التشكيلات العسكرية والأمنية تحت قيادة وزارتي الدفاع والداخلية، وعودة الحكومة إلى ممارسة مهامها من عدن، والأهم من كل هذه الترتيبات هو وجود المملكة العربية السعودية كضامن يشرف على تنفيذ هذا الاتفاق.

والأمر الأكثر أهمية في هذا الاتفاق هو أنه يمثل رسالة مهمة للعالم بأن اليمنيين يمكنهم أن يتوصلوا إلى حلول سلمية لأزمتهم إذا خلصت النوايا، وإذا ابتعدت إيران التي تسعى لاستغلال الحوثيين لتحقيق مصالح خاصة بها لا علاقة لها باليمن وشعبه.

ونتمنى أن يكون هذا الاتفاق، والترحيب الإقليمي والدولي الذي قوبل به، هو بداية الطريق للوصول إلى تسوية سلمية للأزمة اليمنية تحقق للشعب اليمني آماله في الاستقرار والتنمية والتقدم.

 

Email