آمال العراقيين واللبنانيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل هناك ما يمنع تعاطف المجتمع الدولي والرأي العام العالمي والوقوف مع رغبة الشعبين العراقي واللبناني في استعادة قرارهما السياسي وبالعيش الكريم في بلادهما؟!، التساؤل يحمل حيرة من حالة الصمت والسكوت لما يحدث في الدولتين العربيتين وخاصة من الدول الكبرى والمنظمات الحقوقية حتى ظن البعض أن مجرد التفكير في التعاطف معهما هو نوع من التدخل في الشأن الإيراني وليس العراقي أو اللبناني وبالتالي هناك قلق من ردة فعل إيرانية غاضبة.

قد يستغرب البعض من مناسبة طرح السؤال لكني أعتقد أنه جاء متأخراً بعض الشيء لأن حالة شعبي لبنان والعراق تختلف كاملة عن الكثير من الشعوب العربية وحتى عن غيرها من شعوب العالم بحكم الظروف الاجتماعية اليومية التي يعيشها الشعبان نتيجة لسيطرة قوى سياسية طائفية تدين بالولاء للنظام الإيراني أو ما يعرف إعلامياً بالولاء العابر للحدود، وتختلف أيضاً نتيجة لتعنت المسؤولين في البلدين وتجاهلهم للمطالب الشعبية التي أضافت على المعاناة الاقتصادية والاجتماعية صعوبات أخرى أشد وهي القتل بأيدي القناصة الإيرانيين في العراق ومواجهة تهديدات زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله بإيقاف التظاهرات إن لم يتم إيقافها من المحتجين فطريقته محفوظة وله سوابق فيها لكن إصرار المحتجين جعلهم لا يلقون بالاً لأي دعوات تهدئة أو تهديد سوى أملهم في استعادة الوطن.

من الطبيعي أن يصدم البعض من طريقة تجاهل المسؤولين في البلدين لمطالب شعبيهما مع أننا كمراقبين اعتدنا على ذلك في المرات السابقة ولم تعد تفاجئنا مواقفهم حتى في الدفاع عن الدور الإيراني-المشروع بالنسبة لهم- في التدخل في شؤون بعض الدول العربية، إلا أن الشيء الغريب أن كل ذلك يحدث في وقت والمجتمع الدولي يدرك الخطورة التي تمثلها تدخلات إيران في المجتمعات العربية من خلال «أذرعها السياسية» التي تقوم بالتضييق على حياة مواطنين في دولهم مثل: الحشد الشيعي وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن.

مطالب العراقيين واللبنانيين بسيطة بل إنها يمكن تصنيفها بالمتواضعة تتلخص في أن ينتبه من يمثلونهم من القيادات إلى احتياجاتهم المعيشية كما يحصل في باقي دول العالم وتحديداً في جوارهم الجغرافي وعدم السماح بالعبث الإيراني بالسياسة الداخلية فيها، وإلا فإن الأمر يعني بالنسبة للمحتجين تصاعد حدة حالة الاستياء والغضب وربما تزيد أكثر إن استمر الأمر بعد هذه الاحتجاجات والاعتصامات التي بينت أنها هذه المرة مختلفة تماماً ولن تهدأ إلا بمواقف واضحة وحازمة ضد إيران.

الشيء غير المقبول أن يحدث كل ذلك في البلدين في وقت بعض المنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وعن انتهاكات بعض الدول العربية لحقوق مواطنيها ممن يثيرون الفوضى، تتحدث وتصم أذاننا عن أهمية تحويل آمال الشعوب وأحلامهم إلى وقائع على الأرض.

ومع أن آمال هذين الشعبين يعتمد على تكاتفهم حول هدفهم إلا أنه مؤشر حقيقي لكشف حالة التدهور الحاصل في المجتمع الدولي بشكل عام وفضح ممارسات منظمة حقوق الإنسان.

الحدثان مناسبان لتقييم مدى صدقية حديث المجتمع الدولي بشأن أحقية كل شعب في العيش الكريم لأنه شيء لا يصدق أو أنه أقرب للخيال ونحن في هذا الوقت من الزمن بأن هناك دولا إقليمية تمارس «التنمر» على من يطالب باستقلال بلاده أو استعادة قراره السياسي دون أن تجد من يوقفها عند حدها إلا إذا كان هناك شيء خطأ يحدث في هذه المنظمات، وهذا السيناريو هو الأقرب، ويحتاج إلى تعديله، كما أنه من الصعب أيضاً أن يتقبل أي إنسان أن هناك حكومات وقادة بدلاً من أن يعملوا على راحة شعوبهم وإسعادهم تسمح لزعيم ميليشيا أن يقوم بتهديد الشعب والسخرية من مطالبه، بل يصعب على مواطني أي دولة يفترض أنها كاملة السيادة ألا يجدوا من يدافع عن مطالبهم ولو بالكلام فقط.

يبقى علينا أن نتمنى على المجتمع الدولي والعرب تحديداً الانتباه إلى خطورة استمرار حالة الصمت والسكوت تحت أي مسمى سياسي لأن نتيجتها ربما تكون مأساوية، فتاريخ إيران الطرف المستهدف من هذه الاحتجاجات لن يخرج عن التجارب السابقة وهو استخدام أذرعه السياسية الحشد الشيعي في العراق وحزب الله في لبنان في ارتكاب المجازر ضد المواطنين.

Email