إلا السعودية

ت + ت - الحجم الطبيعي

المملكة العربية السعودية مقدساتٍ وقيادةً وشعباً وأرضاً تسكن بكل هذا النفح العطر القادم من صميم مجد الأمة الإسلامية في قلب كل المسلمين، وتنبض في شغافهم في كل مشارق الأرض ومغاربها.

ولا تكاد تجد مسلماً في ذي الحياة لا تعيش السعودية بهذا المعنى الإيماني في قلبه وعقله ووجدانه، ولا يتصور مسلم أن تتعرض أرض الحرمين الشريفين لأي أذى دون أن يستنكر ذلك بكل جارحة فيه، ولا يهب للدفاع عنها وتبرئة ذمته تجاهها، والذود عن حياضها، خاصة نحن في دول الخليج العربي، وبالأخص أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، لمدى ما يربطنا بالسعودية من علاقات وثيقة وتنسيق كامل على جميع المستويات والصُّعد.

فالسعودية بلا أدنى شك تمثّل بالنسبة إلينا خطاً أحمر بكل ما للكلمة من معنى لا يمكن أن نسمح بأن يتجاوزه أحد شخصاً كان أو جهة أو دولة، وتحت أي ظرف من الظروف، لأننا ملتزمون قبل كل شيء من ناحية الشرع ثم من جهة البعد القومي والالتزام الوطني بأن نعتبر السعودية أرضنا ومقدراتنا وننزلها المنزلة التي تستحقها منا.

وأن ندافع عنها ما وسعنا الدفاع بكل ما نملك ونرخص لها الغالي والنفيس، لأن من حق هذه الأرض الطيبة أن نكون معها كذلك، وأن نقول عنها ذلك ونعلنه بملء أفواهنا ونبض قلوبنا وفعل أيادينا دون تردد أو إبطاء، وأن ندعم بمواقفنا الثابتة والأصيلة قضاياها المصيرية التي هي في حقيقتها لب قضايانا ومواقفنا سواء بسواء، وأن من حق السعودية علينا أن نقف معها وقفة رجل واحد.

وفي خندق واحد بكل صدق وإيمان ويقين، لأننا نعلم بأن مصير دول الخليج واحد غير منفصل عن بعضه، وليس لنا غير هذا الموقف، خاصة مع الدولة الأهم، وهي السعودية، لكونها الدولة المحورية في المنطقة، بل وفي العالمين العربي والإسلامي معاً، دولة لها من الشرعية الدينية وخدمة الحرمين الشريفين بالذات ما يضمن لها الصدارة، ويقوي وجودها، ويدعم مركزيتها دون أدنى جدال أو تشكيك في ذلك الأمر.

لقد تسنّى للسعودية أن تبرز على ساحة العرب والمسلمين والعالم بوجهها الجميل السمح ومواقفها النبيلة من خلال هذا المعنى المقدّس لكل المسلمين، والمضمون الإيجابي السامي والتاريخي والمحوري الذي رسمت به السعودية في العالم نصاعة مواقفها وشرعيتها، لقد قامت السعودية على هذا الصعيد بأفضل ما تقوم به، وخدمت بصورة خاصة معالم المقدسات خير خدمة،.

بحيث زهت صورتها الجميلة، ورفرف علمها بهذا التميز في العطاء والكرم والخدمة الجليلة لضيوف الرحمن وعباده، مما يبهر الإنسان لمدى ما تقدمه السعودية في هذا الشأن من اهتمام ورعاية ودعم مادي ومعنوي منقطع النظير، وتيسير وتوسعة وتزيين لمعالم الحرمين الشريفين، بحيث تسهّل من خلال ما قدمته وتقدمه للحجاج والمعتمرين والزائرين أداء مناسكهم بيسر وسهولة.

وربما بشيء كبير من السعة والرفاهية التي يحظى بها كل قادم إلى هذه الأراضي المقدسة، فلقد أغدق ملوك السعودية على الحرمين الشريفين ما يستحقانه من تنمية فائقة تبهر، كما قلنا، النظر والعقل والقلب معاً.

وتستوجب الشكر والدعاء لهم بالخير والتوفيق والسداد لما نراه من آثار هذا الاهتمام والرعاية على مستوى خدمة الحرمين فيما يراه الناظر واضحاً أمام عينيه، فلم يقصر ملوك السعودية كل في مرحلته في ترك أثر وطبع بصمة واضحة على رعايته وخدمته للحرمين، بحيث عرف كل ملك بما أضافه وحسنه من معالم تعمير الحرمين الشريفين، ابتداءً من المؤسس الملك عبد العزيز، رحمه الله، إلى العهد الحالي الذي أحدث مزيداً من هذه التنمية الواضحة للعيان في كثير من مناحي وشؤون الاهتمام والرعاية لهذه المعالم المقدسة.

فقيادة هذا همها وهذا شغلها وهذا نتاجها وآثارها الملموسة لجديرة بأن يسند ظهرها ويقوّى عضدها بمواقف الشعوب والدول فيما تتطلبه من هذا الدعم والمساندة، حتى لا تشعر بأنها وحيدة فيما يمر بها من دسائس ومؤامرات وتوجيه لسهام الحقد تجاهها، ولنجعل السعودية بمواقفنا الإيجابية معها تشعر وتتيقن بأنها جزء أصيل من هذا الخضم حولها خليجياً وعربياً وإسلامياً، وليطمئن قلبها بأن قلوب قادة وشعوب دنيا العرب والمسلمين معها.

فمن حق السعودية علينا أن تسمع أذنها وترى عينها كل ما يسرها ويطمئن قلبها على صدق محبة الناس والدول لها، ومصداقية مواقفهم تجاهها، بصفتها أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين ومرقد نبيهم صلى الله عليه وسلم.

فدولة هذه صفتها وهذا نهجها ودأبها حري بنا أن نكون معها في خندق واحد، خاصة في هذه الآونة التي تشهد فيها السعودية هجمة شرسة وعدائية من مغرضين حاقدين متربصين يتحينون الفرص للنيل منها وتنفيذ خططهم المكشوفة والخاسرة بإذن الله إلى غير رجعة، نحن مطمئنون إلى أن أمر السعودية إلى خير بإذن الله، وأنها في أمن وأمان واستقرار، وإلى ازدهار وتفوق وتمكين أكثر، ودحر لكل دسائس الأعداء الطامعين، السعودية هي الأخت الكبرى لدول الخليج الحاضنة لحمى الحرمين الشريفين، أعزهما الله، والصديقة لكل العرب والمسلمين.

والمحبة للسلام والتسامح العالمي التي لم تقصّر يوماً في مساعدة إخوانها العرب والمسلمين، فكم من المساعدات على اختلاف أنواعها انطلقت من أرض السعودية لتساند وتخفف من ويلات الظروف الطارئة، وكم دعمت متطلبات الشعوب المحتاجة في شتّى أصقاع الأرض، فأنشأت المراكز الإسلامية وبنت المساجد والمدارس وغيرها من أنواع الدعم والمساعدة، نحن لا ندعو إلى الوقوف مع السعودية بصفتها السعودية فقط، وإنما بصفتها الدينية والشرعية التي بموجبها تحمل شرف حماية أرض المقدسات.

وتحافظ على ميراث النبوة والصحابة وإرث المسلمين المتمثل في هاتين البقعتين الشريفتين أطهر بقاع الأرض قاطبة، تستمد السعودية شرعيتها من هذا الميراث العظيم الذي أحسنت الحفاظ عليه ورعاية معالمه المتمثلة في خدمة مسجديه الشريفين على صاحبهما أفضل الصلاة والتسليم، نحن مدعوون اليوم أكثر من ذي قبل بحكم الظروف المستجدة لأن نعلن ونرفع أصواتنا:

«لبيك يا السعودية»، من حق السعودية أن تسمع منا لحن الوفاء وملحمة النصرة وإعلان الموقف الثابت الذي عبّر عنه قادة الإمارات في أكثر من موقف الذين انحازوا منذ اليوم الأول فيه إلى السعودية قلباً وقالباً، إذ ليس لنا من خيار إلا أن نكون صفاً واحداً معها في كل المواقف الراهنة، لأننا لا نشك في أن المنطقة مستهدفة من أكثر من جهة.

وتتعرض لهجمات عديدة تظهر عداء سافراً خاصة للسعودية، لكونها موضع القلب في الأمة الإسلامية، وبصفتها راعية الحرمين الشريفين، هذه الأرض التي من حقها علينا أن نسند أمنها واستقرارها وميراثها الديني العريق، فإذا لم نناصر السعودية فمن يا ترى سنناصر، وإذا لم نقف اليوم مع السعودية ومؤازرتها، فمن هي يا ترى الدول التي تستحق منا ذلك.

تعيش السعودية في دمنا، وتتربع على عروش قلوبنا، ويسري حبها في خلايانا، ولا يمكن لنا أن نتخلى عنها لأنها بستان الأمن والسلام وأرض الإيمان والعبادة ومنبت الدين وقبلة المسلمين ومثوى الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، من حقها علينا أن نسعى لتنسيق بستانها بزهور الأمن وورود الحب والاستقرار والسلام وندفع عنها الشرور والأذى، لتتفرغ لخدمة الحرمين وعباد الرحمن على أرضها الطيبة.

ليستنشقوا عبير الإرث العظيم الذي تبقى المحافظة عليه أمانة في عنق كل مسلم بقدر ما هو في عنق السعودية، اللهم احفظ السعودية وأدم عليها نعمة الأمن والأمان، ويسّر لها كل خير وتوفيق وسداد، إنك سميع الدعاء.

 

Email